المركز الكاثوليكي للإعلام- عقدت ظهر اليوم ندوة في المركز الكاثوليكي للإعلام ، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، تحت عنوان “ظاهرة التعرّض للمقدّسات والرموز الدينيّة”.شارك فيها مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، رئيس المركز الاسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط، المفتي الجعفري الشيخ أحمد طالب،وحضور لفيف من الإعلاميين والمهتمين.
أبو كسم
بداية رحب الخوري عبده أبو كسم باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر بالحضور وقال:
“نلتقي اليوم في ندوةٍ إعلامية مع مشايخ أجلاء، لنناقش موضوع التعرّض للرموز والمقدّسات الدينيّة، التي هي ظاهرة تشمل معظم دول العالم. وفي تواقيت مختلفة، مما يطرح علامات إستفهام كثيرة، عن الأسباب والدوافع، والنتائج. الأسباب قد يكون وراءها أهداف سياسية تدفع إلى إثارة النعرات الطائفية، وتشجع على الأصولية تحت ستار الدفاع عن الدين بضرب الدين الآخر.”
تابع “وقد يكون أيضاً وراءها أسباب تهكميّة تحقّر الدين من خلال تحقير الرموز المقدّسة، فيشكل هذا الأمر إهانةً للمؤمنين وقد يكون الدافع أيضاً تحقيق مكاسب تجارية، فتسلّع الرموز الدينية، بمعنى أنها تسّخر لمنتجاتٍ كالملابس الداخلية والأحذية وحتى الملابس الخارجية والألعاب مما قد تشكل إنتهاكاً للمؤسسات وخرقاٌ للقوانين.”
أضاف “هذه الإنتهاكات تعزّز روح التعصب الديني الأعمى وتدفع نحو تحريك الشارع، للتعبير عن رفض هذه الإنتهاكات، لأن البعض يعتبرها مس بالكرامة، فتتغلب لغة العاطفة على لغة العقل مما قد يسبب مشاكل بين أبناء الوطن الواحد.”
وقال “إذن المطلوب اليوم وضع خطة عملية لمواجهة هذه الإنتهاكات بلغة العقل دون أن تنال من وحدتنا وكرامتنا وعزتنا .”
تابع “هذه الخطة يجب أن تبدأ من العائلة والمدرسة، بحيث نُشجع أولادنا على الإندماج مع بعضهم، ونفهمهم بأن التنوّع هو غنى، وقبول الأخر هو نعمة، وأن الأديان هي الطريق التي توصلنا إلى الله، وأن المحبة هي التي تجمعنا.”
وقال “للأسف الشديد نحن نفتقر إلى الآن لتعزيز هذه الروحيّة بين أبنائنا، فعند أول مفترق تتجدّد الإصطفافات وكل واحدٍ يشدّ على وتره الطائفي.”
وختم ابو كسم “لهذا فإننا نطلق اليوم صرخةً مشتركة من على هذا المنبر إلى كل الشباب اللبناني “كونوا حكماء، فلا تنجروا وراء العصبيات والتشنجات، لا بل على العكس أنتم من يجب أن يكون الضمانة لهذا الوطن، لا تكونوا سلعةً بأيدي أحدٍ بل كونوا أنتم القادة، فمستقبل لبنان بين أيديكم، أنتم القلب النابض في هذا الوطن. ونحن نراهن بفضلكم على لبنان أفضل مزدهر مبني على المحبة والتضامن.”
عريمط
ثم تحدث القاضي الشيخ خلدون عريمط فقال:
“ظاهرة التعرض للمقدسات والرموز الدينية التي بدأت مع بداية هذا القرن في فلسطين المحتلة عندما انتهكت العصابات الصهيونية كل ما يتعلق بالأديان سواء كانت إسلامية او مسيحيه، انطلاقا من مقولة وهميه انهم شعب الله المختار، في حين ان الإسلام يحترم ويتكامل مع من سبقه من الأديان السماوية بل ويلزم المسلمين الايمان بالكتب التي انزلها الله وبالرسل والانبياء الذين بلغوها.”
تابع “انطلاقا من هذا الايمان الحق أكد القرأن الكريم ان الديانات الحقه يصدق بعضها بعضا، والإسلام يؤمن بمن جاء قبله من الشرائع التي انزلها الله تعالى.”
أضاف “بهذا التقدير والاحترام والنظرة التكاملية لخدمة الانسان ينظر الإسلام الى المسيحية التي جاء بها المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام لقوله تعالى في القران الكريم ( وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ).”
أردف “هذا يعني بان الإسلام والمسلمين الصادقين يتلاقون ويتعارفون ويتعاونون ويتكاملون مع اتباع الشرائع والأديان التي سبقت الإسلام بالنزول لعبادة الله وهداية الناس.”
وقال “التعرض للمقدسات والرموز الدينية هي اساءة مباشرة لاتباع التوراة والانجيل والقران ، والمشكلة التي نعاني منها في عالمنا المعاصر ان اتباع التلمود المناقض في حقيقته للتوراة والانجيل والقران لا يعترفون بالمسيحية ولا بالإسلام وهم يعملون أحيانا باسم الماسونيه العالمية او شهود يهوى فيتعرضون للمقدسات والرموز المسيحية والإسلامية كما حصل ويحصل في الأرض المحتلة في فلسطين ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية معا او ما يعرض من أفلام مشوهة تسيء الى مقام السيد المسيح عليه السلام او رسوما وصورا تشوه حقيقة النبي والرسول محمد عليه الصلاة والسلام، لزرع الفتن بين اتباع الديانات ، وهذا ما يسعى اليه المشروع الصهيوني المعادي للاسلام والمسيحية معا.”
تابع “لبنان الذي هو ملتقى اتباع المسيحية والإسلام هو الاقدر ليكون المثل والمثال في الحفاظ على المقدسات والرموز الدينية لاتباع الديانات التي انزلها الله تعالى.”
أضاف “ولبنان هذا هو رسالة رحمة ومحبة لكل المجتمعات التي تسعى للحفاظ على حقوق الانسان الذي من اجله كانت الأرض والسماء ولأجل تكريمه وهدايته كانت التوراة والانجيل والقران ، فهل يعي اللبنانيون حقيقة دورهم في هذا الشرق ؟ وهل تدرك القيادات اللبنانية على تنوعها بأن لبنان هو اكبر من مصالحهم وحصصهم ونزواتهم.”
وختم سماحته “لبنان هو وطن الايمان وهو رسالة المحبة والرحمة لأبنائه ولكل الناس ، وهو وحده القادر على رفع الصوت بمسلميه ومسيحيه لان يقول كفى التعرض للمقدسات والرموز الدينية في أي مكان فلا قيمة للإنسان بدون دين او عقيدة تصوب مساره وتصحح مسيرة حياته.”
طالب
واختتمت الندوة بكلمة المفتي الجعفري الشيخ أحمد طالب جاء فيها:
“الأمن الاجتماعي حاجة إنسانيه لا يمكن إغفالها أو التخلي عنها إذا أردنا أن نحصل على السلام والحياة العادلة الخالية من أي بعد عدائي أو مناخ كراهية وأن من أهم المرتكزات التي يجب الحرص عليها لتحقيق هذا الهدف هو البحث عن كل ما من شأنه أن يمس روح الوئام والمحبة بين أفراد المجتمع وان يسيء إلى العلاقات الإنسانية لا سيما في ظل مجتمع متنوع دينيا وثقافيا.”
تابع “وعندما يصاب هذا المجتمع بوعكة مسلكية وتتفشى فيه ثقافة الكراهية وتثار فيه النزاعات والخصومات وتصبح أدبيات القطيعة مع الآخر السائدة وتبرز إلى العلن الخطابات الغرائزية التي تبعد المسافات وتضع السدود بوجه الحوار البناء يجب أن نبحث عن السبب الرئيسي لنضع أيدينا على الجرح الحقيقي وليس المختلق للتلطي خلفه لنستطيع معالجة الأسباب ووضع سبل المناعة في الواقع الذي نعيش.”
أضاف “وليس خافيا على أحد أن الأديان والقيم الدينية ليست هي المسؤولة عن ما آلت إليه الأمور في واقعنا الذي نعيش من حالة التدني الثقافي والتسحر الفكري وغلبة الغرائزية على العقلانية والبعد المنطقي للأمور وإنما التركيبة السياسية والأطماع السلطوية والفساد الإداري والنهم المالي والحزبية المتزمتة والأنانية المفرطة للتزعم والتوريث هي بعض أشكال وصور المأساة التي أوصلت المجتمع إلى ما هو عليه اليوم.”
وقال “ولم تكن الأديان ولا المقدسات ولا القيم الإنسانية التي ينشرها أتباع الديانات هي المسؤولة عن هذا الواقع المأساوي (مع التحفظ على الخطاب الديني السياسي). بل العكس تماماً فإن القيم الدينية هي التي كانت ولا زالت تشكل الضمانة الكبرى للمحافظة على المساحات الجميلة في هذا الوطن. رغم ما أقدم عليه النظام السياسي من التضييق المتعمد على المؤسسات الدينية والرموز العلمائية والعلمية وتحويلها في كثير من الحالات إلى ورقة في ساحات التنافس السياسي يستخدمها السياسيون القيمون عليها حين تعوزهم الحاجة وتسحب عند بلوغ غاياتهم. ومع ذلك بقيت القيم الدينية والمؤسسات الدينية والرمزية الدينية ورغم كل شيء تشكل الضامن للاستقرار والمعطل لمشاريع الانتحار السياسي.”
تابع “ونقول لكل من يعنيهم الأمر أن السعي لهدم هذه القدسية للأديان ورموزها رغم أنه سيكون هواءً في شبك ولكن إنما تهدمون بذلك ما تبقى من الأمل في النفوس والإيمان بأن الفرج قادم وإدخال للأمة في حالة اليأس بعد أن أصابها الإحباط واطفاء لبصيص النور الذي لا زال الناس بسبب إيمانهم ينتظرون أن يعم ليغلب الظلام.”
وختم سماحته “إن لم تفلحوا في تأمين بلد آمن على المستوى السياسي والإداري والمؤسساتي فعلى الأقل أتركوا الإيمان للإنسان عله يشكل سلوى له عن فقده لكل شيء.”
==============