المسيحيّ الحقيقيّ يستعمل نظره، كسلّم يُعليه نحو السّماء…
الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشيّ
نعمة كبرى من نعم الربّ، نعمة النظر…
إنّها نعمة النّور… هذا السرّ العظيم الذي يمدّنا به الربّ لنستضيء من خلاله…
النور متعة نبدّد من خلاله الظّلام لنجعل دروبنا سالكة، وبصيرتنا متّجهة نحو ما يقودنا إلى فرح ما… من خلال حاسّة النظر، يستنير فكرنا، فنميّز الأشياء ولا نتعثّر بها…
الربّ يُضيء بنعمه، نورًا يرافقنا فنبصر، وتتفتّح أذهاننا…نرى الطريق فنبلغ الهدف الأسمى…
يدعونا الطّوباويّ “أبونا يعقوب” إلى النظر إلى ما خلقه الله لنا، من جمال الكون وعجائبه، كما يدعونا إلى النظر إلى ذاكرتنا، لنرى فيها الخير الذي قدّمه لنا مَن أحبّنا، والخدم العديدة التي قام بها نحونا مجّانًا، وبدون بدل.
حواسنا نعمةٌ كبرى. إن عرفنا استخدامها لتمجيد اسم الربّ، وإن عرفنا كيف نرفع أعناقنا ونبسط أيدينا، ونوجّه نظرنا فقط نحو جمال السماء، سنبلغ عندها فرح السماء… وسنصبح قدّيسين…
يضيف الكبّوشيّ قائلًا: “القدّيسون سهروا كلّ السهر على حواسهم، وبالخصوص نظرهم، فقدّسوه، متيقّنين أنّهم، بهذه الأعين، سيعاينون يومًا ما، ابن البشر في ملكوته السماويّ”.
لننظر دومًا بعينٍ جميلة، بعين نقيّة. فنحن أنقياء، وأجسادنا هياكل الروح القدس.
على صورة الربّ خُلقنا… فلنسعَ مبتعدين عمّا يشوّه جمال ما طبعه الربّ على وجوهنا، وفي قلوبنا…
“سراج الجسد هو العين. فإن كانت عينك سليمة، كان جسدك كلّه منيرًا. وإن كانت عينك مريضة، كان جسدك كلّه مظلمًا. فانتبه لئلّا يصير النور الذي فيك ظلامًا”. (لوقا 11/ 34-35)
لنرفع نظرنا نحو المصلوب، فنجد تعزيتنا، ونمتلئ بنور الحبّ، ونبدّد ظلام قلوبنا…
لنمعن النظر في ما يقودنا إلى الخلاص، ولنجعل بصرنا قائد بصيرتنا إلى ما يؤول علينا بالخير، والفرح، والسلام…