في التاريخ كل ثورة جذرية مرتبطة ب”خضة” ما، فيها يُستبدل “الحرس القديم” بِ “الحرس الجديد”.
لأننا نعلم أنه، ما لم يتم ذلك، سيعيش الحرس الجديد أبداً تحت خطر أن يستعيد الحرس القديم السيطرة من جديد. إذاً للبقاء على قيد الحياة، يجب “بتر” العناصر المتبقية من الحرس القديم. يقول الكتاب المقدس: “وليس أحد يجعل خمراً جديدة في زقاق عتيقة!”
(مر 2: 22)
هذه الحقيقة تنطبق أيضاً على الثورة الداخلية: فالتحول الجذري في قلوبنا وعقولنا يستدعي “خضة” ما … بتر لعادات “تحرس” نمطنا القديم!! “إرتدادنا” لحضن الحقيقة المحررِة، من أجل أن يكون فعالاً، يجب أن يكون جذرياً. يجب أن يقلبنا من صهوة جواد تكبرنا كما على طريق الشام حيث وقع شاوول المتكبر ليقوم بولس بقلب متغيّر!
إذا كنا من نوع الأشخاص القريبين مما يجب أن نكون، فلا حاجة للتحوّلات الدراماتيكية في حياتنا. التطور سيكون كافيًا. يمكننا أن ننمو من خلال الوسائل التدريجية والمريحة وغير الراديكالية. لكن للأسف، في معظم الأحيان، ليس هذا هو الحال!!
ففي حياتنا غالباً ما يغيب النضج ونغرق في عاداتنا السيئة؛ كان أرسطو يردد: “تصبح العادات طبيعة الإنسان الثانية”. وتصبح العادات السيئة طبيعتنا الثانية. و من أجل كسرها نكتفي بتبني نغمة “وجوب أخذ مقررات جيدة”… و لكن تلك تشبه نغمة “سأبدأ حُميتي الإثنين”، و لا نبدأ…. بعد فترة من الزمن، يصبح التخلص من العادات السيئة مجرد محاولات شاحبة من خلال وسائل سهلة، لا “تعطل حياتنا أكثر من اللازم”! لقد إكتفينا بالرمادي… فهل ستسطع النعمة في حياتنا؟ لا ولن يستطيع نورها أن يوقف مرورنا الروتيني في يومياتنا… و لن تقع القشور عن بصيرتنا!!
نعم، نحن بحاجة الى شجاعة بولس في قبول الخضة و الصدمة. وللخروج الى النور: نحن بحاجة الى إنفتاح قلب ذاك الذي سيصبح رسول الأمم.
الإقتلاع مؤلم وليس سهلاً أن نسير في نمط جديد معاكس لعادات ترسخت في الحياة واليوميات وحتى في الصلاة، والروحانيات والتقويات …. لكن، اليوم مع بولس هلّم نسمع كلمة السيد: “قم”. و”نقوم” من هذا السبات، نفصل الحرس القديم و نقوم بثبات!! فوحدها جرأة أن ننفتح على الحقيقة قادرة على نزع رداء الرداءة وتحويلنا من أدوات الذات المهترءة الى قادة في الطريق نحو السعادة!!