Pixabay CC0

العلاج النفسي بحسب بائعي السعادة

تسلّل العصر الجديد في الكنيسة – 18

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

العصر الجديد ينتحل زورًا صفة علم النفس ويخلطه بتقنيات من الشرق الأقصى وبفرضيات فلسفية لا إثباتات علمية  عليها بحسب المنهجية العلمية.

وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.” (يو 17: 3)

بائعو السعادة!

تكلّمنا في المقالة السابقة عن علم النفس الإيجابيPsychologie Positive   وأشرنا إلى إشكالياته ونقاط الضعف فيه. في الحقيقة، إنّ علم النفس الإيجابي له جذور في تيّار الفكر الجديد، الذي ساهم في ولادة العصر الجديد وبدع أخرى مثل بدعة “العلم المسيحي”Christian Science التي أسّستها “ماري بايكر إيدي”  Mary Baker Eddy(1821- 1910) بتأثير من كويمبي ومن المنوّم الإيحائي فرانز مسمرFranz-Anton Mesmer(1734-1815). ادّعت بايكر أنّ المرض وهمٌ من ابتداع العقل بإمكاننا أن نتخلّص منه بقوانا العقلية. ومن المعالجات التي اعتمدتها المغناطيسية والطبّ المثليHomeopathy .

كما مهّد الفكر الجديد لبدعة السيونتولوجي Scientology التي أسّسها كاتب روايات علم الخيال “رون هوبارد” Ron Hubbard(1911-1986)  في الولايات المتحدة (سنة1953) ومؤلّف كتاب “الديانيتيك”. وهو مجموعة من الفرضيات النفسية غير المعتمدة في الوسط العلمي، تدّعي أنّ بإمكان الإنسان أن يخلّص نفسه بنفسه، متى تجاوز أفكارَه السلبية اللاواعية، بالتنمية البشرية أيّ ببعض التدريبات السلوكية والنفسية عبر مسار تعليمي ومناهج دراسية مدفوعة.

ما يحصل اليوم أنّ علم النفس الإيجابي ، قد اخترقته بتأثيرٍ من فكر العصر الجديدNew Age ، فرضياتٌ باطلة وأفكارٌ قديمة لها علاقة بالفكر الجديد New Thought  والتفكير الإيجابيPositive Thinking  وقانون الجذب Law of Attraction  والإعتقاد بالطاقة الكونيةCosmic Energy  الخ.

 نذكر مثالاً على ذلك ما يقوم به د.جو ديسبانزا Dr Joe Dispenza المعالج بتقويم العظامChiropraxie   الذي يخلط العلوم بالفرضيات، والفيزياء الحديثة بتعاليم العصر الجديد، ويتكلّم عن القدرات البشرية اللامتناهية للشفاء الذاتي، بالإستعانة بفيزياء الكمQuantum Physics  والعلوم الدماغية. وقد اشتهر بعد ظهور فيديو للعصر الجديد بعنوان: “ماذا نعرف بحق الجحيم” What the Bleep Do we Know . يدّعي ديسبانزا أنّه دكتور في طبّ الأعصاب مع العلم أنّه تابع دورةً لتقويم العظام في أحد معاهد الفنون. وبالرغم من عدم كفاءته يطلق نظريات حول عمل الدماغ والناقلات العصبية لا ترتكز إلى أيّ إثباتات بحسب المنهجية العلمية. نشير إلى أنّ “طبّ الكم”Quantum Medicine  مصطلحٌ أطلقه العصر الجديد ومن أشهر روّاده ديباك شوبرا Dipack Chopra الملقّب ب “غورو السعادة”!

والموضة الرائجة اليوم هي العلاج النفسي الذي يمارسه “بائعو السعادة”، المعالجون ومدرّبو الحياة Life coach  الذين يدّعون، من خلال بعض تقنيات التنمية البشرية التي تحتوي التأمّل وعلوم نفسية مستحدثة، تنمية قدرات الإنسان اللامحدودة وقواه الخفية خصوصًا العقلية منها. تلقى كتبهم رواجًا عالميًا لا مثيل له، نقرأ عناوينًا مثل: أيقظ قواك الخفية، فكر واصبح غنيًا، كيف تجذب الشهرة والنجاح، التفكير الإيجابي، قوّة اللحظة الحاضرة، … نذكر من هؤلاء المؤلّفين على سبيل المثال: أنطوني روبنز Anthony Robins ، إيكهارت تولليEckhart Tolle،  نابوليون هيلNapoleon Hill، ستيفن كوفيهStephen Covey ، ميغل روزMiguel Ruiz، جورج صمويل كلايسونGeorge Samuel Clason. لا ننسى أيضًا كتاب السرّ”The Secret” لروندا بيرن Rondha Byrne الذي بيع بملايين النسخ وترجم إلى أكثر من 30 لغة! وهو الذي روّج لقانون الجذبLaw of Attraction  ولأهمية التفكير الإيجابي الذي يجذب الإيجابيات وبه يحقّق الكون ما يرغب به كلّ إنسان!

ولقد نجح منشطّون يدّعون أنّهم مدرّبو حياةLife coach  في التسلّل إلى دورات ورياضات رعائيةكنسية وإلى محاضرات جامعية في جامعات مسيحية. يعرض بعضُهم فيها، تحت عنوان علم النفس الإيجابي، وصفاتٍ من السلوكيات النفسية “الإيجابية” ويقترح بعضُهم الآخر جذبَ طاقاتٍ كونية “إيجابية” مزعومة بالإصغاء إلى موسيقى صاخبة أو تخطّي المخاوف الشخصية بالسير على الجمر المشتعل، على شاكلة رهبان الشرق الأقصى و…. الزرادشتيين !

هذه وصفاتٌ نفسية “مروْحنة” وبديلة، تعرضها علومٌ “نفْسَاوية” مزيّفة، بإيحاءٍ من إبليس، بهدف تهميش وإلغاء عمل النعمة وروح الله القدّوس العامل في الكنيسة من أجل خلاص العالم. هذا هو اتجّاه الموضة العصرية Trend في هذه الأيام. مَن لا يسيرُ فيه أو من يتجرّأ ويعترض عليه، يُشطب اسمُه من لائحة “العصريين الجدد النُخبويين” ويوضع في خانة “المحافظين القدماء المتخلّفين” !

قال الربّ يسوع : “تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم  …لأنّ نيري هيّن وحملي خفيف”(مت11/ 28 و30)

 وقال أيضًا :” أنا هو نور العالم”(يو9/ 5)

“من يُقبل إليّ فلا يجوع ومن يؤمن بي لا يعطش أبدًا”( يو6/ 35)

“سلامي أعطيكم ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا! لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب”(يو14/ 27)”

حقًا ! المجد ليسوع!

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

جيزل فرح طربيه

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير