يبقى الصوم قناعة حرّة يعيشه المؤمن، فليس امتنعانا عن الطعام مسألة حرمان نفسي- بيولوجي، فعلينا أن نتيقّن بأنّ طبيعتنا البشرية تنفر من الإكراه، الذي يُعَدّ انتهاكًا مباشرًا لكرامتنا الانسانية وتشويه مفتعل لصورة الله التي فينا؛
من أجل ذلك، من أراد أن يعيش الصوم “مكرها” الأجدى له ان يصوم قبل كل شيء، عن هذه النظرة المشوّهة النمطية للصوم، أي أن يرضى أولا عن ذاته، لكي يصل إلى اختبار حقيقة رحمة الذات، قال الرب :” اريد رحمة لا ذبيحة؛ عودة الخاطئ وليس اهلاكه”. نعم، الرب يريد أن ترحم ذاتك، لكي تعرف كيف ترحم وتتقبّل نعمة الرحمة، فالقسوة لا تجلب على النفس إلا الويلات والدمار والكآبة، فتتسبب بالكبت… كاننا امام قنبلة معرّضة للانفجار في أي لحظة…
أن تبدأ الصوم، أي أن تعرف كيف تتعامل مع نفسك برحمة وعطف ومودة واحترام، وهنا بيت القصيد، من لا يعرف كيف يرحم ذاته، يستحيل عليه أن ينهي صومه بسلام، بل على العكس سيشعر بالضغط النفسي والتوتر؛
وان تعيش صومك بعطف، اي ان تتغذى من مشاعر المسيح وعاطفة محبته، لاسيما ان تتقدس العواطف بقلب يسوع المطعون بالحربة؛ واما المودة، فهي تتصف بتعامل مع الاخر، بكل رصانة واحترام، فتغلب منطق الحوار والتجاور داخل العلاقات التي اصابتها التمزقات…
اذا، قف برهةً امام نفسك، واسألها قائلا:” يا نفسي، إنّ الهدف من اراحتك، ليس ان يمنع عنك بعض الملذات الفانية، بل ان يتوقف فيك كل ما يؤدي الى افنائك والقضاء عليك؛ لك مخلص هو يسوع، هو القادر ان يتفهمك، ويساعدك على فهم ذاتك، فادخلي إلى خدره وهناك ستجدين سلامك الدائم، عندها ستنسين لا محال ما يشغلك عن الارضيات، لأن الملك جذبك الى مائدة عرسه، لكي تأكلي وتنعمي… هذا ما مرهون بحسب محبة الآخرين” آمين.
فلنطلب من امنا مريم ان تمنحنا نعمة القناعة الراسخة لكي نعيش حرية الصوم بمسؤولية وحرية، لكي نصل إلى عيش معنى الصوم فعندها نكون قد تحررنا من ذهنية الاستعمال والاستهلاك المدمر، وغدونا سعداء بالرب.
كل صوم حر وانتم احرار بالمسيح.
Pixabay, CC0 Public Domain
كل صوم حر وانتم احرار بالمسيح
بداية الصوم المبارك