“لإعادة إيجاد الطريق، أمامنا اليوم إشارة: رماد على الرأس. وهذه علامة تجعلنا نفكّر في ما يجول في رأسنا”: هذا ما شرحه البابا فرنسيس خلال عظته التي ألقاها من بازيليك القديسة سابين بعد ظهر البارحة لمناسبة أربعاء الرماد وبدء الصوم بحسب الطقس اللاتينيّ، ضمن الاحتفال بتطواف التوبة أو بالمحطة الأولى من زمن الصوم، وصولاً حتّى القيامة.
وبناء على ما كتبته الزميلة أنيتا بوردان من القسم الفرنسي في زينيت، تكلّم الأب الأقدس في عظته عن الرماد والنار قائلاً: “إنّ الصوم هو إعادة اكتشاف أنّنا صُنِعنا للنار التي تبقى دائماً مشتعلة، وليس للرماد الذي ينطفىء بسرعة، وصُنِعنا لله وليس للعالم، لأبديّة السماء وليس لخداع الأرض، لحرّية الأولاد وليس لاستعباد الأشياء. ويمكننا أن نتساءل اليوم: من أيّ طرف أقف؟ هل أعيش للنار أو للرماد؟”
وقارن البابا في عظته الصوم “برحلة عودة نحو الآب ونحو حبّه”، مُصِرّاً على هدف هذه الرحلة: “عودوا إليّ” يقول الرب. “إليّ”، والرب هو هدف رحلتنا في العالم. إنّ هذا الطريق مبنيّ عليه. وبوصلة الرحلة هي المسيح. يسوع على الصليب هو بوصلة الحياة، وهو يرشدنا نحو السماء”.
كما وأصرّ الحبر الأعظم على 3 مراحل خلال هذه الرحلة: “في رحلة العودة إلى ما هو ضروريّ، أي خلال الصوم، يقترح علينا الإنجيل 3 مراحل يطلب منّا الرب أن نجتازها بدون خُبث ولا تمثيل: الصدقة، الصلاة والصوم”.
وشرح الحبر الأعظم أنّ “الصلاة تُعاود وصلنا بالله، والمحبّة بالقريب، فيما الصوم يُعاود وصلنا بأنفسنا. وهذه هي الوقائع التي لا تفنى، والتي يجب الاستثمار فيها. هذا هو المكان الذي يدعونا الصوم إلى النظر نحوه: نحو العُلا، مع الصلاة التي تُحرّرنا من حياة أفقيّة نجد فيها الوقت للأنا، وننسى الله؛ نحو الآخر مع المحبّة التي تُحرّر من غرور الاكتساب إذ نُفكّر أنّ الأمور تجري جيّداً إن كانت تناسبني أنا؛ وأخيراً نحو الداخل، مع الصوم الذي يُحرّرنا من التعلّق بالأشياء الأرضيّة، هذا التعلّق الذي يُبنّج القلب. إذاً، 3 استثمارات لأجل كنز يدوم”.
وختم البابا عظته قائلاً: “إن عُدنا إلى الرب بضُعفنا وإن سلكنا طريق الحبّ، سنعتنق الحياة وسنكون فرحين”.
تجدر الإشارة هنا إلى أنّ الكاردينال جوزف تومكو (94 سنة) هو الذي رسم إشارة الصليب بالرماد على رأس البابا فرنسيس ككلّ سنة، ليعود الحبر الأعظم بدوره ويرسم له الإشارة.