“اجعلوا من المدن رموزًا للسلام والأخوّة والضيافة لأنّ كلّ مدينة لها دعوتها العالميّة لتعكس أورشليم السماوية”. إنه موضوع التأمّل الثاني في زمن الصوم الذي قدّمه الراهب البندكتي برناردو فرانشيسكو ماريا جياني أمام البابا فرنسيس وأعضاء الكوريا الرومانية في 11 آذار 2019 صباحًا.
تأمّل الواعظ بشخصية المكرّم جيورجيو لا بيرا (1904 – 1977)، عمدة فلورنسا باني السلام وشدّد في عظته التي نقلتها أخبار الفاتيكان بأنّ “الجماعة البشرية هي حلم الله منذ قبل خلق العالم… يمكننا تقريبًا أن نقول أنّ جيورجيو لا بيرا قد حلم بحلم الله!”
في الواقع، كان يتميّز عمدة فلورانس “بنظرة عالية للسرّ التي تتميّز به كلّ المدن”، باعتبارها “فسحة مصالحة وسلام ولقاء” لتتفاعل مع عالم غالبًا ما تتمّ إدانته بدافع اليأس والاستسلام للظلمات.
تحدّث الراهب عن “السرّ العالمي” للدعوة الحقيقية للمدن: أن تكون الانعكاس، هنا على الأرض، لأورشليم السماوية. وهكذا نظرة الإيمان والنظرة التأمّلية تحاول بالرغم من كلّ المقاومات أن تعكس في مدينة الإنسان التناغمات والجمال وروائع مدينة الله: “ليأتِ ملكوتك، كما في السماء كذلك على الأرض”.
سلّط الضوء على دور الكنيسة: “ككنيسة، علينا أن ندرك من دون تردّد أنّ المحاولة التي يقوم بها الله من أجلنا، من دون تحفّظ ومن دون أن يقابلها أي مقاومة من قبلنا… هي “حلم” عرف إنجازات مذهلة في القرون الماضية؛ وهو حلم سيعرف إنجازات أخرى أكثر انتشارًا وأكثر ذهولاً في القرون المقبلة”.
ثم وصف الرسالة العالمية للمدن: “ما من دمار وما من حرب بل صلاة وتضرّع ونموّ وجمال وعمل وسلام! أصبحت المدن تاريخًا مرئيًا” مكرّسًا تمّ بناؤها بكثير من المحبة من جيل إلى جيل: تمامًا مثل أورشليم!
وفي الختام، ناشد من أجل “نظرة تأمّلية تجعل من المدينة مسكنًا بالرغم من كلّ تناقضاتها وهشاشتها وظلماتها…. وجراحاتها”.