“الإنسان لم يُخلَق لحاجات بل لرغبات حقيقيّة”: هذا ما أشار إليه الأب برناردو فرانشيسكو ماريا جياني للبابا وأعضاء الكوريا الرومانيّة خلال رياضتهم الروحيّة الخاصّة بالصوم، والتي تجري في أريتشيا جنوب روما.
في التفاصيل، وخلال تأمّله الخامس، بناء على ما ورد في مقال أعدّته الزميلة آن كوريان من القسم الفرنسي في زينيت، شجّع الكاهن البندكتيّ سامعيه على إعادة اكتشاف الرغبة بتحويل الأنظار نحو قلب الله.
ومُقتبِساً قاعدة القدّيس بندكتس الذي يتكلّم عن “رغبة الله في أن يكون مرغوباً”، شرح الواعظ أنّها رغبة تدفع بالله “نحو حركة النزول من السماء ليرى إن كان هناك مَن يرغب في رؤية أيّام جميلة. ويتعلّق الأمر بإعادة اكتشاف أنفسنا مرغوبين من قبل الرب، وهذا اختبار للبشريّة كلّها”.
الرب يبحث عن الإنسان
“هذا نوع من الجنون من قبل الله”: هذا ما أشار إليه الواعظ في تأمّله مُضيفاً: “إنّه جنون يدفعه ليُفرغ نفسه بهدف البحث عن رغبة الإنسان… الرب يفقد الحسّ الجيّد ليبحث عن الإنسان الذي تاه”.
واستنتج الكاهن البندكتيّ أنّه في العالم الحاليّ، “يعيش الشباب في فقدان حبّ الرغبة، رغبة بالأمور المهمّة التي تدوم. وهذه حالة روحيّة تنسحب من التاريخ وتحبس ذاتها في نوع من السلام، لنستخدمها ضمن فرديّتنا التي تخفّ فيها قوّة الحبّ الذي يدفعنا على طرقات العالم”.
كما ودافع البندكتيّ عن “ثقافة تَدخُل حياة ديناميّة الحبّ والاستثمار والصبر”، داعياً الكنيسة لتكون متنبّهة للرغبات المُتّقدة، ولتوقظ رغبة الله في كلّ مَن نلتقيهم، مُذكّرة إيّاهم بنِعمة وسرّ الرغبة بهم.
كلمة جديدة حول كرامة جميع البشر
اقتبس الواعظ في تأمّله أيضاً “فرح الإنجيل”، داعياً سامعيه إلى إعلان الإنجيل “بدون استثناء أحد”، “ليس كفرض جديد، بل كفرح وكأفق جديد…” وتساءل: “هل نفكّر في عدم خيانة بُعد الرغبة الذي كتبه الرب في إنجيله؟ أوَلا نجعله مُظلِماً؟ أوَلا نُخفّف منه أو نقلّل من قيمته؟”
ثمّ أضاف: “اليوم، أصبحنا نميل إلى تحويل الإنسان إلى آلة تعمل طالما يمكنها أن تعمل وأن تُنتج، وطالما لديها مصلحة وربح. إذاً، يجب قول كلمة جديدة حول كرامة البشر، خاصّة الأفقر منهم، ومَن يؤمنون أنّ أُفقهم ليس مصنوعاً من الحاجات والضرورات. إنّ الإفخارستيا توقظ فيهم أيضاً، وخاصّة هم، إدراك كونهم خُلقوا، ليس للحاجات، بل للرغبات الحقيقيّة”.
وختم الواعظ بهذا التحذير: “مَن لا يُعطي جسده ودمه لإخوته مثل يسوع، لا يعيش الإفخارستيا، وليس للكنيسة طريقة أخرى لتكون في المجتمع”.