“إنّه حيّ”: وجّه البابا فرنسيس لشباب العالم أجمع “رسالة حقيقيّة” ليكلّمهم عن الله “الصديق” الذي بدوره كلّمه في شبابه. وقد نُشِرت الرسالة اليوم في 2 نيسان 2019، في ذكرى وفاة البابا يوحنا بولس الثاني، بابا أيّام الشبيبة العالميّة.
في التفاصيل بناء على ما نقله لنا الزملاء من القسم الفرنسي في زينيت، هذه الرسالة التي اتّخذت شكل إرشاد رسوليّ بعد سينودس الأساقفة الذي خُصِّص للشباب في تشرين الأوّل الماضي، وُقّعها الأب الأقدس في 25 آذار، مؤكِّداً فيها للشباب (“ولكلّ شعب الله ورُعاته ومؤمنيه”) أنّ الله يريدهم أحياء: “كلّ ما يلمسه يصبح شاباً وجديداً ومليئاً بالحياة. إنّه يحيا ويريدك أنتَ حيّاً… إنّه فيك ومعك ولن يتركك، حتّى لو ابتعدتَ عنه. القائم من بين الأموات هنا يُناديك وينتظرك… عندما تشعر أنّك أصبحت عجوزاً جرّاء الحزن والحقد والخوف والشكّ والإخفاق، سيكون هنا دائماً ليعطيك القوّة والرجاء”.
أمّا الرسالة بحدّ ذاتها فهي تتألّف من 168 صفحة وتضمّ 9 فصول و299 مقطعاً، أدخل إليها الأب الأقدس “اقتراحات السينودس”، وختمها بالطلب من الشباب “الركض” قائلاً لهم: “سيُسرّني أن أراكم تركضون بدلاً من رؤيتكم بطيئين وخائفين… وليجذبكم هذا الوجه المحبوب الذي نعبده في الإفخارستيا، والذي نراه في أخينا المتألّم… الكنيسة بحاجة إلى إلهاماتكم وإلى إيمانكم. وعندما تصلون إلى حيث لم نصل بعد، تمتّعوا بالصبر لانتظارنا”.
في الفصل الأوّل “الإنجيليّ”، تكلّم البابا عن كلمة الله المتركّزة على شباب الإنجيل الذين ما زالوا أحياء نوعاً ما، كالابن الشاطر والصيّاد الشاب، ويسوع “الشاب الأبديّ”…
في الفصل الثاني، يجوب البابا الأناجيل بحثاً عن “شباب يسوع”، ومُشيراً إلى علاقته مع الآب، ومُذكِّراً بـ”نَعَم” مريم نموذج الكنيسة الشابة.
أمّا في الفصل الثالث، فيُصرّ الحبر الأعظم على عدم كون الشباب “المستقبل” بل “حاضر العالم”، خاصّة وأنّهم يُمثّلون تعدّديّة، حتّى ولو عانى بعضهم من التهميش أو الإبعاد جرّاء العديد من أشكال الإدمان مثلاً. كما وتطرّق البابا إلى مسائل جنسيّة وتساؤلات، وحتّى إلى “جراح” محفورة في الأنفس.
بعد هذا الموضوع، تطرّق البابا إلى 3 مواضيع بغاية الأهمية: الرقميّة والهجرة والاعتداءات الجنسيّة، داعياً إلى تشخيص دقيق للواقع، وإلى تمييز مناسب.
وبما أنّ موضوع الاعتداءات الجنسيّة يشكّل أزمة حاليّة، أكّد البابا أنّ “شموليّة هذه الآفة لا تخفّف من فظاعتها داخل الكنيسة”، شاجِباً فقدان المكرّسين القيمة المقدّسة لكلّ شخص وحرّيته. إلّا أنّه عاد وقال إنّ “الكهنة الذين يرتكبون هذه الجرائم الشنيعة لا يشكّلون الأكثريّة التي تمارس كهنوتاً مُخلِصاً”.
في هذا السياق، عهد البابا للشباب بمهمّة قائلاً لهم: “عندما ترون كاهناً يواجه خطر فقدانه رسالته، تمتّعوا بالشجاعة لتذكيره بالتزامه حيال الله ومع شعبه، وأعلِنوا له الإنجيل بذاتكم، ثمّ شجّعوه على البقاء على الدرب الصحيح”.
في الفصل الرابع، طوّر البابا “إعلاناً للشباب” مفاده أنّ الله حبّ وأنّ المسيح يُنقذ، وصولاً إلى الفصل الخامس “طرقات الشباب” حيث الله يعمل في كلّ شاب.
أمّا فيما يتعلّق بموضوع “الجذور” وهو موضوع غالٍ على قلب البابا فرنسيس، فقد عرضه في الفصل السادس، مُفصِّلاً مَثَل الشجرة التي تحتاج إلى جذور لتزهر وتحمل ثمراً.
أمّا الفصل السابع فيقترح سُبُلاً لتجديد “رعويّة الشباب”، ويصرّ على نوعيّة من يتولّون التنشئة. وفي هذا الفصل، يُشجّع البابا “المدرسة الكاثوليكيّة” لأجل أنجلة الشباب، ويوصي بتعزيز رعويّة للشباب تشجّع قدراتهم على حبّ الصمت والحميميّة مع الله.
“الدعوة” هي عنوان الفصل الثامن حيث “نداء الله” يدعو الشباب إلى مصادقته. وهنا، يتطرّق الأب الأقدس إلى مسائل “الحبّ والعائلة والعمل”، ليُكرّس الفصل التاسع والأخير لبُعد “التمييز”، لا سيّما في الدعوات.
ويُنهي البابا إرشاده بوضعه شباب العالم في عهدة الروح القدس، بعد أن كان قد بدأها بالطلب من هؤلاء الشباب عينهم مساعدة الكنيسة على البقاء شابة وعلى عدم السقوط في فخّ الفساد.
أمّا الختام فهو على الشكل التالي: “لا نتخلّى عن أمّ عندما تكون مُصابة، بل نُرافقها… وليكن هذا الوقت الصعب مناسبة لإصلاح تاريخيّ لبلوغ عنصرة جديدة، وتدشين مرحلة تطهير وتغيير تمنح الكنيسة شباباً جديداً”.