لا قداسة بدون محبّة… لا قداسة بدون إيمان…
إنّ الإيمان يقول لك، للذّهاب إلى السّماء، يجب التّوبة، ومسامحة الإساءة، وحمل الصّليب…
جاهد جهاد المسيحيّ، أي اتبع المسيحَ، وتعليمه، واقتدِ بمثله…
الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشي….
هكذا خطا أبونا يعقوب، مسلّمًا قائدة حياته – العناية الإلهيّة – وزناته كلّها وأحلامه، وكلّ ما يريده، لبلوغ الفرح الحقيقيّ… … سلك أبونا يعقوب أجمل الدّروب…
حمل متاعب القريب، وراح يسعى إلى تنهدّات راحةٍ يقدّمها إليه … شابه الرّجال الأربعة الّذين حملوا المخلّع، وساروا غير مهتمّين بمشقّاتٍ تعترضهم…لأنّهم تسلّحوا بالإيمان ..
لأنّهم أحبّوه… هؤلاء بحبّهم كانوا بلسم آلام المخلّح.. بتضحيتهم، ومثابرتهم، وشجاعتهم خفّفوا ثقل أتعابٍ أضنت حياة ذاك المتألّم، وجعلوه قريبًا من الرّبّ…بين أحضان رحمته …
وحده الحبّ قادر أن يشفي الآلام…
وحده الحبّ قادر أن يحوّل العذاب فرحًا…
تلك كانت عقيدة الكبّوشيّ الّذي أراد أن يحيا مشيئة الرّبّ، فوجد نفسه أمام مَهمّة مقدَّسة ومقدِّسة ، أراد أن يكون قريب المتألّم والمحتاج ..
آمن بالمصلوب ، لطالما ردّد”لا يكفي للسّماء أن يكون مسيحنا مات على الصّليب لأجلنا، بل أن نحملَ صليبنا. لا يكفي كَوْني مسيحيًّا، بل عليّ أن أعملَ، وأنا في حالة النّعمة أعمالًا صالحة.”
لأنّه آمن بالإيمان الفاعل، ذاك الإيمان الّذي يبثّ الحبّ في نفس القريب، من خلال الأعمال الصّالحة…لأجل ذلك،ألقى شباكه وراح يصطاد … اصطاد النّفوس المتألّمة، والصّارخة إلى عيش الرّحمة، والفرح، والحبّ…
هذا الحبّ … ذاك الزّاد المبارك الذّي أهداه من أعماقه، إلى النّفوس المتألّمة، كي يساعدها لبلوغ الفرح الحقيقيّ….
كان على ثقة أنّ المحبّة تبدأ بنا، لكنّها لا تنتهي فينا، بل تمتدّ إلى القريب، وهدفها هو شفاء النّفوس، وتقديسها.
ليتنا نصل، من خلال سعينا اليوميّ، إلى تخفيف آلامٍ، تجرّح أشواكها نفس قريبنا …. ليتنا نتأمّل المصلوب، ونستمدّ من خلال سرّ الفداء، ذاك الحبّ الذّي رفعنا إلى التّمتّع بفرح السّماء …
يا ربّ… زوّدنا بذاك الإيمان المندفع والمثابر… لا تدعنا نلتفت إلى ضجيج ما يحيط بنا… ساعدنا كي نبلغ فرح لقياك…