كنا قد نشرنا الجزء الأوّل من لقاء البابا بأعضاء كليّة سان كارلو من ميلانو حين التقاهم صباح يوم السبت لمناسبة الذكرى الخمسين بعد المئة على تأسيسها. إليكم الجزء الثاني والأخير من هذا اللقاء.
ظاهرة التنمّر في المدرسة
طرح البابا بدوره سؤالاً على الشباب حول السلام، إنما في المدرسة: “لنتحدّث عن المدرسة، عن صفّك. عندما يصل ولد، شاب ربّما سمين قليلاً، يجهل كيفيّة اللعب، من يقوم بالتنمّر وينظّمه؟ الله؟ أنتم! في كلّ مرة تقومون بالتنمّر، تعلنون بذلك الحرب. كلّنا نملك في داخلنا بذرة تدمير الآخرين أوَليس لأننا نميل إلى إحداث الاختلافات وإثراء أنفسنا بفقر الآخرين؟
الهويّة والوطنيّة
ثمّ أجاب البابا على أسئلة الأساتذة والأهل وتحديدًا حول قدرة القيام بحوار: ما من حوار ممكن إن لم نكن نملك “هوية”، “جذورًا”، بالأخصّ بفضل المسنّين.
شجّع على تربية اللقاء مع الآخرين الذين هم مختلفين: “نحن لسنا أبطالاً وُلدوا من تلقاء أنفسهم، وُلدنا في عائلة، في شعب… وغالبًا ما تُنسينا هذه الثقافة “السائلة” بأننا ننتمي إلى شعب”.
أسِف البابا بشكل خاص على نقص “المواطنية” التي لا تعني النشيد الوطني أو تكريم العلم بل هي الانتماء إلى أرض وتاريخ وثقافة… هذه هي الهوية. هوية تعني انتماء. لا يمكننا أن نحظى بهويّة من دون انتماء. إن أردتُ أن أعلم من أكون، فعليّ أن أطرح على نفسي هذا السؤال: “إلى من أنتمي؟”
المافيا ليست من اختراع النيجيريين
أصرّ البابا على إفهام الحاضرين أنّ المافيا ليست من اختراع النيجيريين مشيرًا إلى موضوع الهجرة وداعيًا إلى عدم الخوف من المهاجرين. صُنعت أوروبا من المهاجرين والبرابرة وكلّ من أتوا من الشمال وجلبوا ثقافاتهم إليها… إنما حذارِ، اليوم، من تجربة ثقافة الجدران، بناء الجدران، جدران القلب، جدران على الأرض، لمنع الالتقاء مع الثقافات الأخرى والشعوب الآخرين. من يبنِ جدرانًا ينتهي أسيرًا لها، من دون أفق لأنّ ما ينقص هو الغيريّة”.
ثمّ ذكر البابا العنصرية: “إن كنتُ أملك قلبًا عنصريًا فعليّ أن أبحث جيدًا عن السبب فيّ والاهتداء”.
لامبالاة وأصولية: نسبيّة!
أجاب البابا على سؤال حول “طغيان اللامبالاة” مشيرًا إلى السبب: “النسبية”: يرى فيها جذور الأصوليّة. وأشار البابا إلى أنّ ثقافة اللامبالاة هي ثقافة غير خلاّقة. هي لا تدعك تنمو. على العكس، على الثقافة أن تهتمّ بالقيم، بتاريخ الآخرين. تميل ثقافة اللامبالاة إلى إخماد الشخص ككائن مستقلّ، ومفكّر لخنقه وإخضاعه. حذارِ من ثقافة اللامبالاة. هي مصدر الأصوليّة والروح الطائفية. علينا أن نفكّر بثقافة منفتحة، تتيح لنا النظر إلى الغريب والمهاجر ومن ينتمي إلى ثقافة أخرى كشخص قابل للاستماع والتقدير والاعتبار”.