“لمّا اقترب من بيت عَنيا، عندَ الجبلِ المُسمّى جبلَ الزيتونِ، أرسَلَ اثنين من تلاميذِهِ، وقال لهما: “اذهبا إلى القريةِ التي أمامَكما، وعندما تدخُلانِها تجدان جحشاً مربوطاً، ما ركِبَ عليهِ أحدٌ من قبل، فحُلّا رِباطَهُ وجيئا بهِ. وإن سألَكُما أحدٌ: لماذا تحُلانِ رِباطَهُ؟ فقولا لهُ: الربُ محتاجٌ إليهِ”. فذهبَ التلميذانِ ووَجدا كما قالَ لهما يسوع. وبينما هما يَحُلّانِ رِباطَ الجحشِ، قال لهما أصحابُهُ: “لماذا تحُلانِ رِباطَهُ؟” فأجابا: “الربُ محتاجٌ إليهِ”. فجاءا بالجحشِ إلى يسوع، ووضَعا ثوبَيهِما، وأركَبا يسوع. فسارَ والناسُ يَبسُطونَ ثيابَهم على الطريقِ.” (لوقا 19 : 29 – 36)
قد تكون “الرب محتاج إليه” مجرّد جملة بالنسبة إلى من يقرأ هذا المقطع من إنجيل القديس لوقا. لكن أتتخيّلون أنّ الجحش الذي حمل يسوع في ذاك اليوم قد جعل منها محوراً لحياته؟؟ كيف؟؟
فلنقرأ معاً هذا التأمّل للجحش الذي لم ينطق، والمترجم من الفرنسية عن نصّ بعنوان Celui que Dieu avait choisi للأب اليسوعي ب. مورلون…
ثمّ لنتساءل: هل كنّا لنفكّر بالطريقة نفسها لو سمعنا جملة “الرب محتاج إليه”؟؟
“يا لها مِن مغامرة بالنسبة إليَّ! لقد حملتُ الرب!
سمعتُ من بعيدٍ: “الربُ مُحتاجٌ إليهِ”. وسُرعانَ ما رأيتُ حولي الجميعَ متحمّسين يهتِفون: “هوشعنا! هوشعنا!” وحملتُ الرب!
كنتُ قد سمعتُ أنّ اللهَ بحاجة إلى البشر، لكن هل كان حقاً بحاجة إلى جحشٍ؟ ومع ذلك، سمعتُ جملة: “الربُ محتاجٌ إليهِ”. وفجأة، انتابتني كلُّ أنواعِ الأفكارِ، تلك التي تتبادرُ إلى أذهانِ البشرِ عندما يشعُرونَ أنّ الربَ لاحظهُم. وكنتُ أفكّرُ: من المؤكّد أنه لا يتوجّه إليّ. هناك حميرٌ أخرى أكبر وأقوى منّي. هناك حتّى أحصنة، وسيكونُ من الأفضلِ أن تحملَ هي الرب.
وكنتُ أقول في نفسي: سيكون ثقيلاً، ثقيلاً جداً ذاك الإله بالنسبة إلى جحشٍ صغير. لديّ ما يكفيني من الأثقال اليومية. لمَ لا يتركني وشأني؟؟؟
وكنتُ أتمرّد قائلاً: صحيح أنني مربوطٌ، لكن على الأقلّ أنا في الظلّ، بعيداً عن الضربات والهزء. لم أطلب شيئاً! من يكون هذا السيّد ليُضايقَ من يحاولون العيش مختبئين؟
لكن سمعتُ: “الربُ محتاج إليه”، وفهمتُ “أنا بحاجةٍ إليكَ”.
ماذا أفعل؟ ماذا أقول؟
سمحتُ لهم بفكّ رِباطي وبسَوْقي. وهو، سيّدُ الأسياد، كان خفيفاً ولطيفاً وعذباً، إلى درجةِ أنني في لحظةٍ ما، ظننتُ أنني لم أعد مَن يحملُ الرب، بل هو مَن كان يحملني!”