بالرّغم من آلامه الشّديدة، اهتمّ يسوع بأحبّائه، وبمضطهديه… أعطانا أمّه أمّا لنا جميعًا… تألّم يسوع لأجلنا جميعًا، عطش لخلاصٍ يقدّمه إلى العالم، جاد بنفسه حتّى النّهاية، اطمأنّ… واستقبل الموت بفرح…”
الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشيّ
كلمات تفوّه يسوع بها على الصّليب …. كانت فردوس خلاصنا، كانت كلّها حياةً لنا.
علّمنا المغفرة، وعدنا بالخلاص، منحنا مريم أمًّا، إنّه فرح الحبّ…. إنّه فرح الحياة، والقيامة…
إنّه الصّليب… خشبة الخلاص….
بحر من نعم، جعلنا الرّبّ ننعم بزبد شواطئه…
شواطئ يوميّاتنا جافة…عطشى إلى قطرات مَدّك النديّ يا ربّ…
يعتبر أبونا يعقوب أنّ آلام المسيح أثمرت الخلاص للعالم، هكذا كلّ عذابٍ أو ألمٍ لدى الإنسان، يمكن أن يقود إلى الحياة. لذا يقول يسوع: “من أراد أن يخلّص نفسه يهلكها. ومن أهلك نفسه من أجلي يجدها…”
على الصّليب فتحت يديك، لتنادينا وتدعونا إلى فرح الحياة، إلى حضنك المريح … لتغمرنا رحمة ومغفرة… لتزّودنا بسخاء حبّك الخيّر…
عشق أبونا يعقوب الصّليب، واعتبر أنّ لا سماء إلّا بالصّليب، وأدرك أنّ الألم هو أكبر هديّة من لدن الله لأصحابه…
عاش النّذر، متنهّدًا الألم حلم قيامة، مغتنيًا بالإيمان ثروة، ، ترفعه إلى فرح السّماء…
اعتبر أنّ الصّليب هو جوابٌ عن لغز العذاب…إن قبلناه جيّدًا، يكون بالنّسبة إلينا، مفتاح ذهب، يغلق أمامنا الجحيم، لأنّ الوجع ينقّينا، ونحن على الأرض، ويفتح لنا أبواب السّماء..
أبونا يعقوب “رسول الصّليب” ، من الصّليب استمدّ صلابة الاستمرار، والبقاء بالرّغم من كلّ الصّعاب، والمشقّات الّتي فرضتها عليه حياة التّقشّف والإماتة.
رأى في الصّليب على مثال القدّيس بولس، فرح الخلاص، وقوّة الله” إنّ كلمة الصّليب عند الهالكين حماقة، أمّا عندنا نحن المخلّصين فهي قوّة الله” كور 1/18
على مثال الصّليب الذي لا ينهزم، استمرّ ثابتًا في إيمانه حتّى الرّمق الأخير.
أنهك الكبّوشيّ جسده، في خدمة رسالته، فاتّحاده بالرّبّ جعله يجد في آلامه معاني خلاصٍ أهدته إيّاه العناية الإلهيّة… كان همّه الوحيد “إرضاء صليب الرّبّ، حبيب القلب”. مهما ثقلت صلبان حياته، كان إيمانه القويّ يبثّ فيه العزم، إذ كان يستمدّ قوّته من الإله المصلوب، وخلاصه كان من شغفه بخشبة الخلاص.
طريق جلجلته كانت خطوات نحو السّماء.
هكذا عاش أبونا يعقوب معترفًا، أنّنا في الصّليب نرى عظمة محبّة يسوع ، في الصّليب نرى قدرة يسوع ، في الصّليب نرى سلام يسوع…
ليتنا نناجي الصّليب دومًا، ونراه ذلك الحبيب، الّذي يشعل أحلام فرحه، في داخلنا ….لأنّه شارة الخلاص، والانتصار … ليتنا نماثله من حيث الشّكل ، فنبقى مرفوعي الأيدي نحو السّماء…
إن حملنا الصّليب على كتفنا ومشينا، ستتحوّل طرقاتنا الوعرة إلى دروبٍ، يزهر فيها الخلاص، رجاءً وفرحًا…
كم هو رائع أن نستنير بشعاع الصّليب ، فنلقاه ذاك النّور الّذي سيقودنا إلى رجاء القيامة ، ونؤمن أنّ الصّليب هو خلاصنا ، به نقوى …به تحلو لحظاتنا،لأنّه يجعلنا نسمات حبّ، في حقول الفرح الإلهيّ…!!!
.