“أنا هو القيامة والحياة” (يو 11: 25). يؤمن المسيحيّ والمُمارس لإيمانه، أن لا حياة ولا قيامة ولا أبديّة بمعزل عن المسيح القائم من بين الأموات. ويؤمن أيضًا أنّ قيامة المسيح، جَلَبَت للإنسان المُؤمن الخلاص والتحرُّر من الموت والخطيئة، وأعطته القُدرة للولوج في الحياة الأبديّة. “وإذا كان رجاؤنا في المسيح لا يتعدّى هذه الحياة، فنحن أشقى النَّاس جميعًا” (1كور 15: 19). هل نؤمن حقًّا أنّ الرَّبّ يسوع لا يمنح الحياة فقط، إنّما هو نفسه الحياة؟ من هنا نؤمن و نؤكّد على أنّ الموت لا يملك سلطانًا على ابن الله. نعم، يحدِّثنا الكتاب المُقدَّس ومسيرة يسوع الخلاصيّة على الأرض، من أجل خلاص الإنسان، أنّه هو، وحده، يمنح الحياة للَّذين يؤمنون ويثقون به، “فلا بُدَّ لهذا الكائن الفاسد أن يلبَس ما ليس بفاسد، ولهذا الكائن الفاني أن يلبَس الخلود” (1كور 15: 53).
عندما نؤمن بقيامة المسيح من بين الأموات، يعني أنّنا نؤمن بالله وسلطانه على الكون وما فيه. أَوَلَيسَ هذا برهانًا على أنّ لله سلطان على إقامة الأموات؟
لقد أثبت يسوع بنفسه وعن نفسه أنّه ابن الله والمَسيّا المُنتظر، وهذا دليل على أنّه مُخلِّص العالم، وأنّ الرُّسل كانوا شهودًا على قيامته “وأنّه تراءى لصَخر، فالإثنين عشر، ثمَّ تراءى لأكثر من خمس مئةِ أخٍ معًا […] ثمَّ تراءى لجميع الرُّسل…” (1 كور 15: 5-7).
نعم، يسوع القائم من الموت هو باكورة الراقدين، “إنّ المسيح قد قام من بين الأموات وهو بكرُ الَّذين ماتوا” (1 كور 15: 20). نعم، إنّ قيامة المُخلّص من بين الأموات تطال قيامة البشر، أيّ كلّ مُؤمن بشخص يسوع المسيح، “عن يدِ إنسانٍ أتى الموت فعن يدِ إنسانٍ أيضًا تكون قيامة الأموات، وكما يموت جميع النَّاس في آدم فكذلك سيَنجون جميعًا في المسيح” (1كور 15: 21-22).
نعم، عيد الفصح، أيّ قيامة المسيح هو عيد قيامتنا، لأنّ القيامة هي الانتصار والغَلَبَة لكلّ مُؤمن، “فالشكر لله الَّذي منحنا النَّصر عن يد ربِّنا يسوع المسيح، فكونوا […] ثابتين راسخين […] إنّ جهدكم لا يذهب سدىً عند الرَّبّ” (1 كور 15: 57-58).
نعم، ابتلع النَّصر الموت، “فأينَ يا موتُ نصركَ؟ وأينَ يا موتُ شوكتكَ؟” (1 كور 15: 55). “أَلَيسَت شوكة الموت هي الخطيئة، وقوّة الخطيئة هي الشَّريعة”؟
يحدِّثنا الكتاب المُقدَّس عن قيامة الموتى في المسيح، والأحياء وقت مجيئه ستُعطى لهم أجسادًا جديدةً وممجَّدةً، “إنّ مشيئة الله إنّما هي تقديسكم […] فأمّا ونحن نؤمن بأنّ يسوع قد مات ثمَّ قام، فكذلك سينقل الله بيسوع ومعه أولئك الَّذين ماتوا […] ثمَّ إنّنا نحن الأحياء الباقين سنُخطف معهم في الغَمام لملاقاة المسيح […] الرَّبّ دائمًا وأبدًا” (1 تسالونيكي 4: 3 و14 و17). نعم، إنّه عيد قيامتنا من بين الأموات، لأنّنا نُؤمن بالمسيح وبقدرته الإلَهيَّة وبقدرة الله على إقامة الأموات، حيث “نترجَّى قيامة الأموات والحياة الأبديّة”.
أعطِنا يا ربّ، أن نفهم آلامكَ وصلبكَ، ونُدرك حقيقة موتكَ ونُسَّر بقيامتكَ، كي نستحق الدُّخول في ملكوتكَ يوم ظهوركَ المجيد.
لنهلِّل للقائم من بين الأموات، لأنّه أبدَلَ حكم الموت بالحياة للمُؤمنين به. أصبحنا شعب الحُّريّة، بعدما كنّا في عبوديّة الموت والشِّرير والشَّر والخطيئة. أصبحنا أبناء الحُّريّة وشعب التطويبات والرَّجاء، فهل سنبتعد عن خلاص الله، بعدما تبنَّانا واحتوانا المسيح؟
زِدنا إيمانًا يا ربّ، واغمرنا بنور قيامتكَ، وابسط أمانكَ ورحمتكَ وغفرانكَ، وجدِّدنا برباط المحبّة، واجعلنا أداة سلام ومصالحة، فننشر الرَّجاء والوحدة والفرح لننشد دومًا وأبدًا “المسيح قام حقًّا قام”.