Pixabay CC0 Public Domain

ما أهمية الصليب من دون المصلوب في الكنيسة المارونية

إِنَّ كَلِمَةَ ٱلصَّلِيبِ عِنْدَ ٱلْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ ٱلْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ ٱللهِ” ١قور ١: ١٨

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry
تظهر في الايقونة المأخوذة عن الطقس الماروني، الصليب يقف على جانبيه الإمبراطور قسطنطين وهيلانة. ولكن اللافت في الأمر، ان المصلوب، لا يظهر معلّقا على الصليب…  إنها ميزة خاصة في روحانية الكنيسة المارونية. بالنسبة لها،  المسيح قد قام من الموت، ولم يعد بعد اليوم معلّقا على خشبة، لتصبح  خشبة الصليب،  علامة حيّة للمؤمنين ولكل من يريد أن يحيا الحرية وينجو من آلالام “ذهنية الضحية”. تدل خشبة الصليب على قوة الله الحيّ والقدوس، المنتصر على الموت.
رمز الانتصار
  الصليب رمز الانتصار على ثقافة الجهل- الظلم، وعلى مسلكية البكاء على الاطلال. لقد صار الصليب  انتهاء صارم وحدّ قاطع لذهنية الحداد والمعاناة والحد لمنطق التلذذ بفكرة “انا ضحية، حقي الثأر”.  ففي هذا الحدّ الفاصل والقاطع، بين ظلم العداوة والحياة الجديدة، يعبر المؤمن ماشيا على خطى المعلّم الالهي، متخذا من جسر النجاة أي الصليب، آمانه وسلامه، والباب الذي يدخل منه في حل ناجع لازماته وصراعاته ولاسيما لحضارة العداوة والموت، التي تنفس طالبة قتله.
صليب دون مصلوب
وما تسليط الانظار على أهمية الصليب دون المصلوب في الكنيسة المارونية، والمنادة به كاداة خلاصية ومحرّرة، هي حقيقة لاهوتية  وانتروبولوجية، تعمل على تحفّيز المؤمنين من جهة بضرورة سلوك منطق الصليب الشافي، وبان يجعلوا من هذا الرمز “قدوة حية” و”تعزية شافية” و”حرّبة تحرر” الأذهان من سلوكيات وادبيات “العين بالعين والسن بالسن” من جهة أخرى.
 فعندما يتأمل الإنسان بحقيقة الصليب، سيرى فيه مبدا حريته ومبتغاه ، اي ان يحيا ننذ الآن ملء الحياة.
فاما ان يكون صليب القيامة، مفتاح حلّ لازمات الإنسان سواء الشخصية والعائلية والاجتماعية والمهنية والوطنية، “حجر عثرة” فمن يسقط عليه يتهشّم.
رفض منطق الضحية
 لا ننادي بالالام والتألم وطلب الأمراض للخلاص الخ، حاشا، لأن خلاصنا ليس نتيجة جهدنا وتعبنا، انه عطية الابن المخلّص والفادي هو العطية الكاملة، لقد رفض أن يبقى على الصليب معلقا، حرر الإنسان من ذهنية الضحية، ووضعها من جديد في منطق الخلاص محررا إيها من نير احكام الشرعية .
 لم يعد المسيح المعلق على الصليب ضحية جهل الإنسان، واجه الرب الاساءات والظلم بالمغفرة، من على الصليب نتعلّم كيف ننجو من نتائج الصدامات النفسية. المسيح  قام ، وهو حيّ ابدا في كنيسته. قيامته غفران وتوبة.
 فاذا نظرنا الى ماضي الكنيسة سنرى الاضطهادات والمآسي والظلم وسوء الفهم، اضف الى الانقسامات الداخلية الخ، كادت  أن تنهي  على حضور الكنيسة ولكن، الكنيسة المارونية ترى ذاتها، انها  كنيسة الرجاء (المجمع البطريركي الماروني، الملف الاول : كنيسة الرجاء) وهي بالمسيح القائم وبقدرة صليبه الظافر، لاقوى من منطق الضحية والثأر والهروب، لقد اختبرت هذه الكنيسة، حقيقة الصليب المحرر، القادر ان يحرر العروس من مشاعر الحقد والغضب والعداوة، واضعا في أعضائها مشاعر المنتصر على الموت أي يسوع المسيح.
 ستبقى الكنيسة المارونية مع الكنيسة بأسرها تنادي امع بولس ايمانها بالقائم :” نحن نَكْرِزُ بِٱلْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! ‏وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ، فَبِٱلْمَسِيحِ قُوَّةِ ٱللهِ وَحِكْمَةِ ٱللهِ.  لِأَنَّ جَهَالَةَ ٱللهِ أَحْكَمُ مِنَ ٱلنَّاسِ! وَضَعْفَ ٱللهِ أَقْوَى مِنَ ٱلنَّاسِ!” (١قور١: ٢٤- ٢٥).
فالصليب بعد القيامة هو للمؤمن، ينبوع شفاءات لا ينضب، وبلسم سماوي لجراح النفس ولكلوم الجسد، وقوة للضعف، وسورا لكل من يؤمن بقيامة يسوع الفادي. هللويا
المسيح قام حقا قام
Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الخوري جان بول الخوري

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير