في القربان الأقدس نجد خلاصة وجود يسوع

النص الكامل لصلاة التبشير الملائكي يوم الأحد 23 حزيران يوم عيد جسد الرب ودمه

Share this Entry

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، صباح الخير!

اليوم، في إيطاليا وفي دول أخرى، يتم الاحتفال بذكرى عيد جسد ودم المسيح، عيد جسد الرب (Corpus Domini). يقدم لنا الإنجيل معجزة تكثير الأرغفة (را. لو 9، 11 – 17) التي جرت على شاطئ بحيرة الجليل. يسوع عازم على التحدث إلى الآلاف من الناس، وعلى تقديم الشفاء لهم. عندما أخَذَ النَّهارُ يَميل، يقترب من الرب التلاميذ قائلين: “اِصرِفِ الجَمعَ لِيَذهَبوا إِلى القُرى والمَزارِعِ المُجاوِرَة، فيَبيتوا فيها ويَجِدوا لَهم طَعامًا” (آية 12). كان التلاميذ أيضًا متعبين. في الواقع، كانوا في مكان معزول، وكان على الجمع المشي والذهاب إلى القرى المجاورة لشراء الطعام. لكن يسوع الذي يرى كل هذا يجيب تلاميذه: “أَعطوهُم أَنتُم ما يَأكُلون” (آية 13). تثير هذه الكلمات دهشة التلاميذ. لم يفهموا، بل وربما غضبوا أيضًا، فأجابوه بحزم: “لا يَزيدُ ما عِندَنا على خَمسَةِ أَرغِفَةٍ وسَمَكَتَيْن، إِلاَّ إِذا مَضَينا نَحنُ فاشتَرَينا لِجَميعِ هذا الشَّعبِ طَعامًا” (ن. الآية).

بيد أن يسوع بهذه الإجابة يدعو تلاميذه إلى توبة حقيقية من منطق “كل واحد يفكر في نفسه” إلى منطق المشاركة، بدءًا من القليل الذي توفره لنا العناية الإلهية. ويظهر يسوع على الفور أنه واضح فيما يريد أن يفعله. قال لهم: “أَقعِدوهُم فِئَةً فِئَةً، في كُلِّ واحِدةٍ مِنها نَحوُ الخَمسين” (آية 14). ثم يأخذ بين يديه الأرغفة الخمسة والسمكتين، ويتوجه نحو الآب السماوي ويصلي صلاة البركة. ومن ثمَّ، يبدأ في كسر الأرغفة، وتقسيم الأسماك، واعطائها للتلاميذ، الذين يوزعونها على الحشد. فلا ينتهي هذا الطعام حتى يأكل يشبع الجميع.

تظهر هذه المعجزة -المهمة للغاية، لدرجة أن جميع الإنجيليين يذكرونها- قوة المسيا، وفي الوقت نفسه، تعاطفه: يسوع يتعاطف مع الناس. فهذه المعجزة، لا تبقى فقط كواحدة من المعجزات الكبرى في حياة يسوع العامة، ولكنها تستبق أيضًا ما سيتم بعد ذلك، تذكارًا لذبيحته، أي للقربان الأقدس، سر جسده ودمه الذي أُعطي لخلاص العالم.

نجد في القربان الأقدس خلاصة وجود يسوع كله، والذي لم يكن سوى فعل محبة واحد للآب وللإخوة. ففي الإفخارستيا أيضًا، كما هو الحال في معجزة تكثير الأرغفة، أخذ يسوع الخبز بين يديه، ورفع صلاة البركة للآب، وكسر الخبز وأعطاه للتلاميذ؛ والشيء نفسه فعله مع كأس عصير الكرمة. غير أن في تلك اللحظة، عشية آلامه، أراد يسوع أن يترك في تلك البادرة وصية العهد الجديد الأبدي، تذكارًا دائمًا لموته ولقيامته من بين الأموات. لذا يدعونا عيد القربان المقدس، في كل عام، إلى تجديد الاندهاش والفرحة بعطية الرب الرائعة هذه، أي عطية الإفخارستيا. دعونا نستقبلها بامتنان، لا بطريقة سلبية، وبتعود. يجب علينا ألا نتعود أبدا على الإفخارستيا، وألا نقترب من القربان الأقدس كما لو كان أمرًا عاديًا: لا! في كل مرة نقترب من المذبح لاستقبال الإفخارستيا، علينا حقا أن نجدد الـ “آمين” لجسد المسيح. فعندما يخبرنا الكاهن “هذا جسد المسيح”، نقول “آمين”: لكن هذا الـ “آمين” يجب أن يصدر من القلب، وباقتناع. إنه يسوع، يسوع الذي خلصنا، يسوع الذي يأتي ليهبنا القوة كي نعيش. إنه يسوع، يسوع الحي. وعلينا ألا نتعود أبدًا عليه: ففي كل مرة نذهب للتناول يجب أن نقوم بهذا كما لو كانت المناولة الاحتفالية الأولى.

يعبر شعب الله المقدّس عن إيمانه الإفخارستي عبر المواكب المكرسة لسرّ القربان الأقدس، والتي يتم الاحتفال بها في العديد من الأماكن بالكنيسة الكاثوليكيّة. أنا أيضا في هذا المساء، في حي كاسال بيرتوني في روما، سأحتفل بالقداس، ثم بتطواف القربان المقدس. أدعو الجميع للمشاركة، ولو حتى روحيا، من خلال الإذاعة والتلفزيون. لتساعدنا سيدتنا مريم العذراء على اتباع يسوع بالإيمان والمحبة الذي نعبده بهما في سر الإفخارستيا.

صلاة التبشير الملائكي

بعد صلاة التبشير الملائكي

أتمنّى للجميع أحدًا مباركا. ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي. غداء هنيئًا وإلى اللقاء!

***********

 ©جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2019

 

Share this Entry

Staff Reporter

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير