في رسائله التي بعثها لمناسبة الأيّام العالميّة للغذاء، أعطى البابا يوحنا بولس الثاني “أمثولة جديدة للعالم: التضامن يمثّل فضيلة أخلاقيّة، عدا عن كونه مبدأ اجتماعيّاً. وهذه الفضيلة تميل إلى أن تصبح حسية في العزم المثابر للالتزام لأجل الخير العام وخير كلّ إنسان، انطلاقاً من مبدأ كوننا جميعاً مسؤولين عن الجميع”.
وهذا ما أكّده المونسنيور شيكا أريلانو (المراقب الدائم للكرسي الرسوليّ لدى الفاو والصندوق الدولي للتنمية الزراعيّة) ضمن مقال عنوانه “الجوع للتضامن”، نُشِر في لوسيرفاتوري رومانو بتاريخ 5 تموز 2019، بحسب ما ورد في مقال أعدّته الزميلة مارينا دروجينينا من القسم الفرنسيّ في زينيت.
وفي مقاله، تفحّص المونسنيور رسائل البابا يوحنا بولس الثاني لمناسبة يوم الغذاء العالميّ، “والتي كان يبعثها كلّ عام”، رسائل تتمحور حول التضامن الملتزم في اقتلاع جذور الجوع وسوء التغذية. “ومن هذه الرسائل، ينبثق نداء لأجل العمل لخدمة عيش إخوتنا”.
وشرح أريلانو أنّ التضامن هو كمال الطابع الاجتماعيّ للإنسان، وهو يدلّ على تساوي الجميع في الكرامة وفي الحقوق، وهو يطبع تصرّف الله… “ليس التضامن مجرّد مساعدة، بل هو العيش الخاصّ بالأكثر حِرماناً… وهذا تحديداً ما عرضه يوحنا بولس الثاني على أنّه واجب البلدان النامية التي تعمل على مشاريع اقتصاديّة وماليّة”. (رسالة اليوم العالمي العاشر)
وأضاف: “كان البابا البولنديّ يأمل في أن يكون العمل الدوليّ قادراً على فرض إسهامات مختلفة الأنواع، شرط أن تكون حرّة من أيّ تأثير أو مصالح أنانيّة”. (رسالة اليوم العالميّ السابع عشر)
ومُتابِعاً تأمّلاته حول موضوع التضامن في رسائل البابا يوحنا بولس الثاني، أشار المونسنيور أريلانو إلى أنّ كلّ إنسان “مَدين للشروط التي تجعل الوجود الإنسانيّ ممكناً، وعليه أن يكرّم هذا الدين عبر عمله لصالح البُعد المشترك… الجميع مدعوّون لمشاطرة هبة المحبّة التي هي عند أساس السلام على المستوى العالميّ”.
وذكّر المونسنيور أنّه من الضروري التعاون، “كي يكون هناك توزيع عادل لخيرات الإنتاج، وللحؤول دون حصول خلل محليّ وإقليميّ بين الموارد الغذائيّة وعدد سكّان البلدان المختلفة”. (رسالة اليوم العالمي العاشر)
وفي نهاية مقاله، عاد أريلانو إلى تعبير التضامن متسائلاً إن كنّا اليوم، “في زمن التقشّف والدَين والانعزال، يمكن أن نسأل: هل من الضروريّ التكلّم أيضاً عن التضامن؟” ويُجيب: “كان يوحنا بولس الثاني ليسأل بدوره: هل من الممكن في زمننا هذا أن يكون هناك أشخاص ما زالوا يموتون من الجوع؟”
وختم المونسنيور قائلاً: “إنّ تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة يؤكّد أنّ السماح بالبؤس الذي يؤدّي إلى الموت بدون بذل جهد لوضع حدّ لذلك، هو ظلم فاضح وخطأ خطير. ومع نداءاته المتكرّرة والقائلة بالتضامن، ذكّر البابا فوتيلا العالم والفاو بهذا”.