كما أنّ الوالد يحبّ كلّ حركات ابنه الطّفل البريء، هكذا الله الآب السّماويّ يحبّ أعمالنا البريئة، المنزّهة عن كلّ فكرٍ رديء، الّتي نقوم بها تحت نظره، وحبّا به…
الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشيّ
كلّ منّا نعمة كبرى عند الرّبّ… كلٌّ منّا هو فريد، وجميل، ومبارك في عيني الرّبّ..
ربّنا أبٌ يحبّنا…
لا يملّ من أبنائه الّذين يلوذون إليه طالبين رحمةً وحبًّا …طالبين الكثير… طالبين الرّاحة والأمان…
هو الأب الّذي يبسط ذراعيه لنترمي بينهما… لا يطلب منّا إلاّ أن نحيا الحبّ، فنستطيع رؤية جمال محيّاه…. نستطيع بلوغ الحقيقة الّتي تقودنا إلى السّعادة.
“الفرح النّاتج عن الحقيقة سعادة، لأنّه الفرح الآتي منك أيّها الحقيقة عينها، يا إلهي، ونوري وخلاص وجهي يا الله” (اعترافات القدّيس أغوسطينوس)
يعتبر أبونا يعقوب أنّ الله، يطلب منّا الأمانة في الأشياء الصّغيرة. لا يلزم للكمال القيام بأشياء عظيمة، وكثيرة. كم من القدّيسين، تقدّسوا في أشغالهم البسيطة! يعتبر الكبّوشي أنّها تعزية كبرى، فقداستنا قريبة منّا، في أعمالنا اليوميّة، والبسيطة. وهنا يلتقي بالأمّ تريزا التّي تقول، أنّه يكفينا القيام بأشياء بسيطة، ولكن بحبّ كبير…
نعم… يكفينا أن نحبّ …
وحده الحبّ يجعل من أعمالنا العادية ذاك النّجم الّذي ينير الطّريق، لنبلغ القداسة.
إنّه طريق مريم، ويوسف، وغيرهما…
شبّه يسوع ملكوت السّماوات بحبّة الخردل، الّتي تنمو، وتزهر، وترتفع لتصبح مأوى للطّيور…
هكذا نكنز لنا كنوزًا في السّماء… هكذا ينمو ملكوت الله فينا، إن تواضعنا، وعشنا الالتزام والمثابرة، والسّهر، والثّبات في قبول نعم الرّبّ، وعيش القناعة، وطاعة إرادته.
وزّع الرّبّ رسائله علينا، مُوَقّعًا عليها خلاصًا يودّنا أن نبلغه…
يفرش الرّبّ أمامنا مع كلّ لحظة، سخاء هداياه، ونعمه..
القداسة بين أيدينا…
مُدَّنا يا ربّ بالحكمة، والقوّة كي لا نبدّد نعمَك، رذاذًا يتشتّت بين متاهات الحياة، أنر بصيرتنا بروحك القدّوس، لنستقي منك وحدك، يا ينبوع الفرح والخير…