“إنّ نفسهنّ ليست معوّقة”: هذه هي شهادة الراهبات الصغيرات تلميذات الحَمَل، اللواتي يتمركزن في وسط فرنسا ضمن الرهبنة التأمليّة الأولى في العالم من هذا النوع، والتي تقضي باستقبال النساء المُصابات بمتلازمة داون في الحياة المكرّسة.
في التفاصيل بحسب ما أورده القسم الفرنسيّ من زينيت، نقلاً عن تقرير نشره “فاتيكان نيوز”، يُخبر الموقع الفاتيكانيّ المذكور أصل هذه المغامرة: الصداقة التي عاشتها في الثمانينيّات لين (شابة تقوم بأبحاث روحيّة وأرادت عيش حياتها في خدمة الأصغر)، وفيرونيك (الشابة المصابة بمتلازمة داون، والتي أرادت أن تتكرّس للرب).
وفيما لم تُنظّم القواعد الرهبنيّة والقانون الكنسيّ دخول مَن يعانون من إعاقة عقليّة إلى الحياة الرهبنيّة، بدأت لين وفيرونيك العيش معاً في شقّة منخفضة الإيجار سنة 1985، ثمّ انضمّت إليهما فتاة أخرى مُصابة بمتلازمة داون.
ومع نموّ الجماعة شيئاً فشيئاً، انتقلت “الراهبات الصغيرات” سنة 1995 إلى مُلكيّة تضمّ كنيسة في “بلان” ضمن أبرشيّة “بورج”، حيث دعمهنّ المونسنيور بيار بلاتو (1924 – 2018). وقد استلزم الأمر 14 سنة ليتمّ الاعتراف بالنظام الأساسيّ لهذه الرهبنة ذات الأسلوب الفريد.
أمّا حاليّاً، فيبلغ عدد الراهبات تلميذات الحَمَل 10، من أصلهنّ راهبتَين غير مُصابَتَين بإعاقة. وحياتهنّ اليوميّة تتراوح بين الصلوات اليوميّة والقدّاس الذي يُقام كلّ ثلاثاء في كنيسة المُلكيّة، بالإضافة إلى نشاطات مختلفة: حياكة، صناعة الفخار، ومؤخّراً تنظيم حديقة لزراعة النباتات الطبيّة.
أنا مسرورة وأحبّ الحياة
إن كانت الراهبات المُصابات بمتلازمة داون بحاجة إلى المرافقة في حياتهنّ اليوميّة، فهنّ “مستقلّات، بما أنّ الحياة التأمّليّة تسمح بالعيش بإيقاع منتظم ومنظّم”. وتوضح الأمّ لين هذا قائلة: “بالنسبة إلى المصابات بمتلازمة داون، إنّ التغيير هو صعب. لكن عندما يُصبح التغيير منتظماً، يصبح لديهنّ نقاط تكون أشبه بمعالم”، مُحيّية قوّتهنّ الروحيّة: “إنّهنّ يعرفن الإنجيل غَيباً، كما حياة القدّيسين، وهنّ يتمتّعن بذاكرة مذهلة. إنّهنّ أرواح صلاة بغاية القُرب من يسوع… أنفسهنّ ليست معوّقة، بل على العكس، هنّ قريبات من الرب ويتواصلن معه بطريقة أسهل”.
من ناحيتها، تشهد الأخت فيرونيك قائلة: “منذ 34 سنة، سمعتُ نداء الرب، وبحثتُ عن معرفة يسوع عبر قراءة الكتاب المقدّس. وُلدت مع إعاقة تُسمّى متلازمة داون. أنا مسرورة وأحبّ الحياة. أنا أصلّي، لكنّني أحزن للمصابين بالمتلازمة الذين لا ينعمون بفرح العيش… يسرّني كثيراً أن أكون خطيبة يسوع”.
وتقول الراهبات الصغيرات: “ضمن حقبة لم يعد المجتمع يجد فيها معنى للحياة ولا يكرّس لها قيمة، بسبب نقص في المعالم والمرجعيّات، ترغب رهبنتنا عبر شهادة حياتنا البسيطة المكرّسة لله، أن تُعيد التأكيد على الطابع المقدّس للحياة وللإنسان”.