Wikipedia.org

بطرس هو الشاهد الرئيسي لقيامة القائم من بين الأموات

النص الكامل للمقابلة العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء 28 آب 2019

Share this Entry

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

كانت الجماعة الكنسية، كما يصفها سفر أعمال الرسل، تعيش في غنى كبير، قد وضعه الرب تحت تصرفه – الرب كريم!-، وكانت تختبر النمو العددي والكثير من الحيوية، برغم من الهجمات الخارجية. فلكي يظهر لنا هذه الحيوية، قد أشار أيضًا القديس لوقا، في سفر أعمال الرسل، إلى بعض الأماكن المهمة، على سبيل المثل رواق سليمان (را. أع 5، 12)، المكان الذي كان المؤمنون يجتمعون فيه. وكان الرواق (stoà) عبارة عن معرض يستخدم كملاذ، ولكنه كان مكانا أيضًا للقاء وللشهادة. إن القديس لوقا، في الواقع، يُلِّح على ذكر العلامات والعجائب التي كانت تصاحب كلمة الرسل وعلى ذكر الرعاية الخاصة التي كانوا يقدمونها للمرضى، مكرسين أنفسهم لهم.

كانت الكنيسة الناشئة، بحسب الإصحاح الخامس من سفر أعمال الرسل، تُظهر نفسها كـ”مستشفى ميداني” يستقبل الأشخاص الأكثر ضعفا، أي المرضى، والذين كانت معاناتهم تجذب الرسل. فأولئك الرسل الذين لا يمتلكون “لا الفضة ولا الذهب” (أع 3، 6)، – هكذا قال بطرس للمقعد – كانوا أقوياء باسم يسوع. فالمرضى أمام أعينهم، كما أمام أعين المسيحيين في جميع الأوقات، هم المستقبلين المتميزين لبشارة خبر الملكوت السارة، إنهم إخوة، يتجلى فيهم المسيح بطريقة خاصة، وينتظر منا جميعًا أن نبحث فيهم عنه وأن نجده (را. متى 25، 36. 40). المرضى هم مميّزون للكنيسة، وللقلب الكهنوتي، ولكل المؤمنين. لا يجب أبدًا إهمالهم، بل على العكس، يجب مساعدتهم، والاعتناء بهم: إنهم قلب الرعاية المسيحية.

من بين الرسل، يظهر بطرس، في صدارة جماعة الرسل، بسبب أولويته (را. متى 16، 18) وبسبب الرسالة التي تلقاها من “القائم من بين الأموات” (را. يو 21، 15-17). فكان بطرس هو الذي يبدأ الوعظ والتبشير “الكريغما” يوم عيد العنصرة (را. أع 2: 14-41) وكان هو صاحب مهمة التوجيه في مجمع أورشليم (را. أع 15 وغل 2، 1 – 10).

كان بطرس يقترب من سرائر المرضى ويمر بينهم، تمامًا كما كان يفعل يسوع الذي حمل على نفسه الأمراض والأسقام (را متى 8، 17؛ أش 53، 4). لم يكن بطرس، صياد الجليل، يمر بينهم ليُظهر نفسه، بل كان يترك آخر يُظهر نفسه: أي المسيح الحي والعامل! إن الشاهد، في الواقع، هو الشخص الذي يُظهر المسيح، سواء بالكلمات أو بحضوره الجسدي الذي يسمح له بإقامة علاقات وبأن يكون امتدادًا لكلمة الله التي صارت جسدًا في التاريخ.

كان بطرس ينجز أعمال المعلم (را. يو 14، 12): فكانوا ينظرون إليه، فيرون المسيح نفسه. كان بطرس، المفعم بروح سيده، يمر بين الناس، وبدون أن يفعل أي شيء، فيتحول ظله إلى “عناقٍ” مشفٍ، وإلى أداة شفاء، وإلى وسيلة لنشر حنان القائم من بين الأموات الذي ينحني على المرضى ويهبهم مجددًا الحياة، والخلاص، والكرامة. بهذه الطريقة، كان الله يظهر قربه، محولا جراح أبنائه إلى “المكان اللاهوتي لحنانه” (عظة الصباح، بيت القديسة مارثا، 14 ديسمبر 2017). ففي جراح المرضى، وفي الأمراض التي تحول دون الاستمرار في الحياة، يوجد دائمًا يسوع، هناك جراح يسوع، وهناك يسوع الذي يدعو كل واحد منا إلى الاعتناء بهم، ودعمهم، ومعالجتهم.

لقد أثارت أعمال الشفاء التي قام بها بطرس كراهية وحسد الصدوقيين، الذين سارعوا إلى سجن الرسل، وأمام خروجهم الغامض من السجن، منعوهم من التعليم. لقد رأوا المعجزات التي كان الرسل يقومون بها لا عن طريق السحر وإنما باسم يسوع، ولكنهم لم يقبلوهم بل ووضعهم في السجن، وضربهم. وأمام إطلاق سراحهم بأعجوبة، كانت قلوب الصدوقيين متحجرة للغاية لدرجة أنهم لم يكونوا يريدون تصديق ما رأوه بأعينهم. حينئذٍ يرد بطرس عليهم مقدمًا مفتاح الحياة المسيحية: “الله أَحَقُّ بِالطَّاعَةِ مِنَ النَّاس” (أع 5، 29)، لأنهم – الصدوقيين – كانوا يقولون للرسل: “يجب عليكم ألا تستمر هذه الأمور، وألا تشفوا أحدًا” – فأجاب بطرس: “الله أَحَقُّ بِالطَّاعَةِ مِنَ النَّاس”: مقدمًا الرد المسيحي العظيم، والذي يعني ضرورة الإصغاء لله بدون تحفظات، وبدون تأجيلات، وبدون حسابات؛ يعني اتباع الله كي نصبح قادرين على الالتزام بالعهد معه ومع مَنْ نلتقيه على دربنا.

لنطلب نحن أيضًا من الروح القدس قوة عدم الخوف أمام أولئك الذين يأمرونا بالصمت، ويُشهرون بنا بل ويحاولون القضاء على حياتنا. لنطلب من الروح القدس أن يقوينا داخليًا لنكون متيقنين من حضور الرب المحب والمعزي بجانبنا.

* * * * * *

قراءة من سفر أعمال الرسل (5، 12. 15-16):

“وكانَ يَجري عن أَيدي الرُّسُلِ في الشَّعبِ كثيرٌ مِنَ الآياتَ والأَعاجيب […] حتَّى إِنَّهم كانوا يَخرُجونَ بِالمَرْضى إِلى الشَّوارِع، فَيَضعونَهم على الأَسِرَّةِ والفُرُش، لِكَي يَقَعَ ولَو ظِلُّ بُطرُسَ عِندَ مُرورِه على أَحَدٍ مِنهُم. وكانَت جَماعَةُ النَّاسِ تُبادِرُ مِنَ المُدُنِ المُجاوِرَةِ لأُورَشَليم، تَحمِلُ المَرْضى والَّذينَ بِهِم مَسٌّ مِنَ الأَرواحِ النَّجِسَة فَيُشفَونَ جَميعًا”.

كلام الربّ

* * * * * * *

Speaker:

في تعاليمه حول “المسيرة” الإنجيلية التي يرويها سفر أعمال الرسل، تكلم البابا اليوم عن الكنيسة الأولى والتي تظهر كـ”مستشفى ميداني” يستقبل الأشخاص الأكثر ضعفا، ومرضا؛ حيث معاناة المرضى كانت تجذب الرسل، والذين بالرغم من أنهم لا يملكون “لا فضة ولا ذهب”، كانوا أقوياء باسم يسوع. وأوضح البابا كيف أن بطرس كان يقترب من المرضى ويمر بينهم، تماما كما كان يفعل يسوع، فكان ظله يشفي أمراضهم. لم يكن صياد الجليل يبحث عن إظهار نفسه، بل المسيح الحي والعامل فيه. لقد كان بطرس، ممتلئا من روح معلمه، لدرجة أن ظله كان يتحول إلى “عناق” مشفي، وإلى وسيلة لنشر حنان القائم من بين الأموات، الذي ينحني على المرضى والمحتاجين ويهبهم مجددا الحياة، والخلاص، والكرامة. وأكد البابا أن “بطرس هو صورة الكنيسة”، التي على الأرض تعد أبناءها وتأهلهم للسماء.

 

* * * * * *

Speaker:

أرحب بالحاضرين الناطقين باللغة العربية، وخاصة بالقادمين من سوريا، ومن الأراضي المقدسة، ومن الشرق الأوسط. لقد أثارت أعمال الشفاء التي قام بها بطرس كراهية الصدوقيين، الذين سارعوا إلى سجن الرسل، ومنعهم من التعليم، غير أن إجابة بطرس: “الله أحق بالطاعة من الناس” (أع 5، 29)، تُقدِّمُ لنا مفتاحَ الحياة المسيحية: أي ضرورة الإصغاء لله وطاعته بدون تحفظات، وبدون تأجيلات، وبدون حسابات. ليبارككم الرب جميعا ويحرسكم دائما من الشرير!

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2019

 
 

Share this Entry

Staff Reporter

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير