أيّها الإخوة والأخوات الأعزاء، صباح الخير،
إن رائد المثل الوارد في إنجيل هذا الأحد (را. لو ١٦، ١- ١٣) هو وكيل ماكر ومخادع، وهو على وشك أن يُطرد من خدمته بعد أن اتُّهِم بتبذير أموال سيّده. وهو لا يتذمّر في هذ الوضع الصعب، ولا يسعى وراء التبريرات أو يستسلم، لكنه يجدُ حلًّا لوضعه كي يضمن مستقبلًا هادئًا. تفاعل في بادئ الأمر بكلّ وعيٍ، مُقِرًّا بمحدوديته: “أَنا لا أَقوى على الفِلاحة،وأَخجَلُ بِالاستِعطاء” (آية 7)؛ ثم تصرّف بمكر، وسرق سيّده للمرّة الأخيرة. فقد دعا في الواقع، المدينين وخفض ديونهم لسيّده، كي يربح صداقتهم وينال منهم بعد ذلك مكافأته. وهذا التصرّف إنما هو إقامة صداقات عبر الفساد ونوال الامتنان عبر الفساد، كما أصبحت العادة اليوم للأسف.
لا يقدّم يسوع هذا المثل بالتأكيد كي يشجّع على خيانة الأمانة، ولكن على الفطنة. فقد أشار في الواقع إلى أن: “السَّيِّد أَثْنى على الوَكيلِ الخائِن، لِأَنَّه كانَ فَطِناً في تَصَرُّفِه” (آية 8)، أي أنّه مزيج من الذكاء والحذق، يسمح لك بالتغلّب على المواقف الصعبة. ويكمن مفتاح فهم هذا المثل في دعوة يسوع عند نهاية المثل: “اِتَّخِذوا لكم أَصدِقاءَ بِالمالِ الحَرام، حتَّى إِذا فُقِدَ قَبِلوكُم في المَساكِنِ الأَبَدِيَّة” (آية 9). إن هذا يبدو غامضًا بعض الشيء ولكنه ليس كذلك: “المال الحرام” هو المال -والذي يسمّيه الناس أيضًا “روث الشيطان”- والخيرات المادّية أيضًا بشكل عام.
قد يدفعنا الغنى إلى إقامة الجدران، وخلق الانقسامات والتمييز. أمّا يسوع فيدعو تلاميذه إلى قلب المعايير: “اِتَّخِذوا لكم أَصدِقاءَ بِالمالِ الحَرام”. إنها دعوة إلى تحويل الخيرات والكنوز إلى علاقات، لأن الأشخاص هم أثمن من الأشياء وأهمّ من الممتلكات. لأن الشخص المثمر في الحياة، ليس صاحب الممتلكات الكثيرة، إنما الذي يخلق ويعتني بالكثير من الروابط، والعديد من العلاقات، والكثير من الصداقات من خلال “أموال” مختلفة، أي المواهب المختلفة التي وهبها الله له. لكن يسوع يشير أيضًا إلى المقصد النهائي من إرشاده: “اِتَّخِذوا لكم أَصدِقاءَ بِالمالِ الحَرام، حتَّى إِذا فُقِدَ قَبِلوكُم في المَساكِنِ الأَبَدِيَّة”. فإذا كنّا قادرين على تحويل الأموال إلى أدوات للإخاء والتضامن، فلن يقبلنا الله وحسب في المساكن الأبدية، بل أيضًا الذين تشاركنا معهم بما وضع الله بين أيدينا، محسنين إدارته.
أيّها الإخوة والأخوات، إن هذا المقطع الإنجيلي يردّد فينا سؤال الوكيل الماكر، الذي طرده سيّده: “ماذا أَعمَل؟” (آية 3).يؤكّد لنا يسوع، إزاء عيوبنا وإخفاقاتنا، أن الأوان لم يفت بعد كي نصحّح الشرّ الذي صُنِع عبر صنع الخير. والذي تسبّب بالبكاء، فليجعل الشخص سعيدًا؛ والذي اختلس، فليساعد المحتاجين. إذا صنعنا ذلك، سوف يثني الربّ علينا “لأننا تصرّفنا بفطنة”، أي بحكمة الذي يعرف أنه ابن الله ويخاطر بذاته من أجل ملكوت السماوات.
لتساعدنا السيّدة العذراء على أن نظهر فطنة في ضمان، لا نجاحنا الدنيوي، إنما الحياة الأبدية، بحيث يشهد، عند الدينونة، المحتاجون الذين ساعدناهم أننا رأينا فيهم الربّ وخدمناه.
صلاة التبشير الملائكي
بعد صلاة التبشير الملائكي
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء!
يوافق الأحد القادم، 29 سبتمبر/أيلول، اليوم العالمي للمهاجرين واللاجئين. وسأحتفل في هذه المناسبة بالقدّاس الإلهيّ هنا في ساحة القدّيس بطرس. أدعوكم للمشاركة في هذا الاحتفال للتعبير عن قربنا بالصلاة أيضًا من المهاجرين واللاجئين من جميع أنحاء العالم!
أتمنّى لجميعكم أحدًا مباركًا. من فضلكم، لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي. غداء هنيئًا وإلى اللقاء!
***********
© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2019
© Copyright – Libreria Editrice Vaticana