صباح اليوم، دعا البابا فرنسيس كلّ إنسان، في عظته التي ألقاها في دار القدّيسة مارتا، إلى أن يتساءل حول صِغره، وأن يُعدّ بشكل أفضل قلبه لاستقبال الهبات التي يُقدّمها لنا الرب، بناء على ما أورده القسم الفرنسيّ من موقع “فاتيكان نيوز” الإلكترونيّ.
في التفاصيل، يُخبرنا الإنجيليّ لوقا، في النصّ الذي تقترحه علينا الليتورجيا بحسب الطقس اللاتيني، قصّة رجل أراد أن يُنظّم حفلة كبيرة، لكنّ المدعويّن رفضوا دعوته وتحجّجوا بأعذار مختلفة. عندها، أرسل خدّامه ليُنادوا الفقراء والمعوّقين كي يملأوا منزله ويستفيدوا من العشاء.
وشرح البابا في عظته أنّ هذه القصّة هي مختصر عن قصّة الخلاص، شارِحاً تصرّف العديد من المسيحيّين.
اقتراح فرح ومجانية
وأضاف الأب الأقدس: “هذا الإنجيل يُفهمنا أنّ العشاء والحفلة هي صورة عن السماء والأبديّة، مع الرب. لا نعرف أبداً مَن سنلتقي عندما نذهب إلى حفلة ما، وأحياناً نُصادف أشخاصاً نودّ أن نتفاداهم، لكن على كلّ حفلة حقيقيّة أن تكون مجانية. إنّ إلهنا يدعونا دائماً هكذا، ولا يجعلنا ندفع ثمن تذكرة الدخول. لكن هناك أيضاً مَن، بوجه المجانية، يضعون مصالحهم الخاصّة في الصفّ الأوّل: أمام هذه المجانية وشموليّة الحفلة، هناك تصرّف يحبس القلب: “أنا لن أذهب. أفضّل البقاء لوحدي مع الأشخاص الذين يُناسبونني، ومُنغلِقاً”. وهذه هي الخطيئة، خطيئة الشعب، وخطيئتنا جميعاً. الانغلاق”.
الخيار بين “أشيائي” واللقاء مع الرب
وتابع البابا قائلاً: “هذا الرفض هو أيضاً شكل من الازدراء حيال مَن يدعوني، وهو أشبه بالقول للرب: لا تُزعجني بحفلتك. وهذا يعني الانغلاق على ما يُقدّمه لنا الرب، أي فرح اللقاء معه. وفي طريق الحياة، سنواجه مراراً هذا الخيار: مجانية الرب والذهاب للقائه، أو الانغلاق في أشيائنا الصغيرة وفي مصالحنا. لذا قال الرب إنّه يصعب على الغنيّ دخول ملكوت السماوات. هناك أغنياء طيّبون وقدّيسون، غير متعلّقين بالغنى. لكنّ الأغلبيّة متعلّقة بالغنى ومنغلقة. إذاً، لا يمكنها فهم ماهيّة الحفلة، وهي تتمتّع بضمانة الأشياء التي يمكنها لمسها”.
أخيار وأشرار: الرب ينتظرنا جميعاً
أمّا عن ردّة فقل الرب حيال رفضنا، فقد قال البابا إنّها واضحة: “الرب يُريد أن يأتي الجميع إلى الحفلة، حتّى ولو كانوا مُجبَرين، الأخيار والأشرار على السواء. الجميع مدعوّون، ولا يمكن لأحد القول “أنا شرّير، لا يمكنني ذلك”… لا. إنّ الرب، وخاصّة لأنّك شرّير، ينتظرك بشكل خاصّ”.
ثمّ ذكّر الحبر الأعظم بردّة فعل والد الابن الضال عندما عاد إلى المنزل: كان الابن قد بدأ يُبرّر أفعاله لأبيه، لكنّ الأخير لم يدعه يتكلّم، بل قبّله. “هكذا هو الرب، وهذه هي المجانية”.
من ناحية أخرى، ومتطرِّقاً إلى القراءة الأولى التي حذّر فيها القدّيس بولس من الرياء، أكّد البابا أنّ يسوع قال لليهود الذين اعتبروا أنفسهم صالحين إنّ الخطأة سيسبقونهم إلى ملكوت السماوات. “فالرب يحبّ الأكثر ازدراء، لكنّه يدعونا جميعاً. لكن إن بقينا منغلقين، فسيبتعد هو…”
وختم قائلاً: ” فلنفكّر في هذا المثل الذي يُعطينا إيّاه الرب اليوم. كيف تجري حياتنا؟ ماذا نفضّل؟ هل نقبل دائماً دعوة الرب أو ننغلق في أشيائنا الصغيرة وفي صِغرنا؟ ولنسأل الرب نعمة الموافقة على تلبية دعوته إلى حفلته التي تكون دائماً مجانية”.
تجدر الإشارة هنا إلى أنّه من بين الموجودين اليوم في القدّاس الصباحيّ، كان هناك كاهن يبلغ من العمر 96 سنة، وهو يحتفل اليوم بالذكرى السبعين لسيامته الكهنوتيّة.