نحتفل بعد أيّام بتذكار ولادة السيّد المسيح بالجسد. إنّه عيد “الميلاد” المُتعارف عليه في الكرة الأرضيّة.
في “زمن المجيء نتحضّر وننتظر ونهتف معًا “ناطرينك”. نترقّب بشوقٍ ورجاءٍ وأملٍ تحقيق بعض “أمنياتنا” و “مطالبنا” و”وعودنا” و”حقوقنا”. نعيش حالةً من الإنتظار والترقّب والإستعداد والتَّحضير لهذا الحدث الإلهيّ والتَّاريخيّ. تدفعنا خبراتنا الروحيّة والإنسانيّة إلى التساؤل: ماذا ننتظر؟ ماذا نريد؟ كيف نتحضّر وننتظر إستقبالك أيّها المخلّص؟ هل سيكون إستعدادنا لائق بك؟ أم نكتفي بالإحتفالات الخارجيّة (والَّتي لا تعبّر دومًا عن حقيقة العيد وجوهره)؟ هل سنتمكّن في هذه الأيّام الصَّعبة والرديئة والمُرهقة، أن نعيش “بعض” (أقلّه) الإحتفالات الخارجيّة؟ أَلَيست “أيّامنا” رديئة ومُزرية وقاسية ومُزلّة على جميع الصُّعد؟ أَلَسنا بحالةٍ من اليأس والإحباط والإكتئاب؟ أَلَسنا بحالةِ جوع مادّي وروحيّ؟ أَلَا تلفّنا حالة من الحزن والخوف والقرف والغُربة؟ أَلَا تنزف جراحنا المُزمنة، الَّتي تطال “حقوقنا” الأساسيّة والأوليّة؟ أَلَا يفعل الإنسان الشرّ، ويمارس العنف والغضب والإنتقام، ويتحكّم ويتسلّط، ويهدّم المعنويات بالافتراءات المُغرضة والأكاذيب، ويقضي على الجسد، أيّ الحياة؟ كلّ هذه المُمارسات يقوم بها الإنسان تجاه أخيه الإنسان، باسم القانون والأخوّة الإنسانيّة.
لن نعدّد ونسرد كلّ “الأعمال السيّئة” و”الحالات الشرّيرة” و”الأوضاع المُزرية” و”الأمراض النفسيّة”، الَّتي تُرافق إنسان هذا العصر. لن نجعل حالة “النَدب، والمَلامة الدَّائمة والارتهان إلى البكاء، والرُّضوخ إلى القنوط، والخضوع للمُساومات المُذلّة والرَّخيصة، والسَّير والقبول بمنظومة الفساد وغيرها من الوسائل، تُبعدنا عن الحقيقة والحقّ والعدل والرَّحمة.
بالرُّغم من “واقع الحال” الَّذي نعيشه في هذه الأيّام، نحن “ناطرينك”، لأنّنا نؤمن بكَ وحدكَ وبقدرتكَ على “خلاصنا” من أوضاع تعترض فرحنا وسعادتنا، و”تكدّر” صفاء عيشنا الكريم. نعم، ننتظركَ بكلّ رجاءٍ وأمل، لأنك تبقى صاحب الرَّحمة والشَّفقة والغفران والمحبّة الفائقة، كما المُساند لعزيمتنا.
“ناطرينك” لتحدّ من العنف والإستغلال، والفساد والقهر، والعذاب والألم والتسلّط، وإستغلال الإنسان لأخيه الإنسان، لا سيّما الفقير والمجروح، والمتألّم والمنبوذ، والسَّجين والمريض.
ساعدنا يا ربّ، يا مخلّص، لكي نحضّر وننقّي ضمائرنا وقلوبنا، وذواتنا لإستقبالكَ كما يليق، أيّ بكلّ إيمانٍ ورجاءٍ وأملٍ، رافعين الصَّلاة والتَّمجيد والتَّأملّ، متسلّحين بالصَّوم والإماتة، ومعبّرين عن احترامنا وحبّنا للآخر، كما الإستعداد للتَّوبة والمَغفرة، ومساعدة المحتاج على جميع الصُّعد. نعم، يا ربّ لن يخيب أملنا. رجاؤنا كبير وكبير.
“ناطرينك” لأنّنا سنستقبلك كما ستستقبلنا بالرُّغم من جهلنا وأنانيتنا، وضعفنا، وخطايانا التي نقترفها ضدّك وضدّ أخينا في الإنسانيّة. ننتظركَ بفرحٍ وشوقٍ، لأنّك تحبّنا. أَلَيس الله قادر على كلّ شيء؟ نعم، لا شيء مستحيل عنده. إنّ رحمة الله ومحبته تتجلّيان بسّر تدبيره الخلاصيّ لكلّ البشر. أَلَم يتحقّق وعد الله لنا؟
ننتظركَ أيّها الربّ المخلّص، يا محبّ البشر.
“ناطرينك” بحماسٍ، ” ناطرينك” بشغفٍ. شكرًا لكَ يا مخلّصنا.