Yoga is not Christian

Pixabay - CC0

ما التجارب التي يتعرّض لها التلميذ المبشّر؟

تسلل العصر الجديد

Share this Entry

من المفيد جدًا التأمّل في بعض إرشادات ورسائل وأحاديث قداسة البابا فرنسيس، لنستطيعَ أن  نميّز بشكلٍ أوضح إشكاليات ما يُعرض علينا من تقنيات التنمية البشرية، في إطار النشاطات الرعائية والتنشئة اللاهوتية في المعاهد والجامعات المسيحية. و لنستشفّ منها أيضًا معاييرًا مهمّة للتمييز الروحي.

في المقالة السابقة عرضْنا ما قاله البابا فرنسيس عن بعض إشكاليات المعرفة اللاهوتية المعاصرة، وما قدّمه من اقتراحات للمراكز التربوية المسيحية كالجامعات، من أجل تمييزٍ وأداءٍ تربوي مسيحيٍ أفضل. وفي ريو دي جينيرو البرازيل في لقاء الشبيبة العالميJMJ  سنة 2013، حذّر البابا فرنسيس الأساقفة من الخلط بين النفسي و الروحيPsycho-spirituel  الذي يحصل، ويا للأسف، أحياناً في الإرشاد الروحي وفي بعض الدورات الكنسية والرياضات الروحية.

بعض التجارب التي يتعرّض لها التلميذ المبشّر

 في هذا اللقاء يستعيد البابا فرنسيس ما سبق وقاله في لقاء أباريسيدا Aparecida في أيار 2007  ليتكلّم عن التجديد في الكنيسة والتجديد في الرسالة في أميركا اللاتينية والكاراييب. في الحقيقة هي نوع من القراءة الثانية لأباريسيدا محورها دور الكنيسة كعروسٍ للمسيح، كأمّ وخادمة، ككنيسة تسهّل الإيمان وليس كنيسة تراقب الإيمان. وفي إطار كلامه عن التجدّد داخل الكنيسة، أشار البابا إلى عدّة أمور تساعدنا في تحديد معايير للتمييز من أجل الحدّ من أيّ انحرافٍ قد تقودنا إليه تقنياتُ التنمية البشرية أو أمورٌ أخرى من روح العالم.

يتكلّم البابا فرنسيس في القسم الرابع تحديدًا من الحديث لأساقفة أميركا الجنوبية[1] تحت عنوان ” بعض التجارب التي يتعرّض لها التلميذ المبشّر” فيقول: “إنّ خيار التبشير سيتعرّض للتجارب. لذلك من الأهمية أن نفهم استراتيجية الروح الشرّير وهذا يساعدنا في حُسن التمييز. لا يعني هذا الأمر، أن نخرجَ لاصطياد الشياطين، لكنْ أن يكون لنا الصفاء والحكمة الإنجيلية.” ويذكر قداسة البابا بعض المواقف التي تميّز الكنيسة “المجَرّبة” والتي يمكن أن تختبئ وراء ديناميكية التلميذ المبشّر فتسبّب بإيقاف عملية الإرتداد الرعوي وصولاً إلى إجهاضه تماماً. من الإيديولوجيات الأكثر انتشارًا في الكنيسة:

  • تجربة إيديولوجية الرسالة الإنجيليةL’Idéologisation du Message Evangélique: أو تحويل الرسالة الإنجيلية إلى إيديولوجيا. هذه تجربة قديمة تعرّضت لها الكنيسة منذ تأسيسها، وهي البحث عن منهجية تفسيرية للإنجيل خارجًا عن رسالة الإنجيل نفسه وخارجًا عن الكنيسة. مثال على ذلك: ما تعرّضت له أباريسيدا في وقت معيّن وهي تجربة أخذت شكلَ التعقيم asepsie. لقد استعملوا، أسلوب: “أرى. أحكم. أتصرّف” وهذا أمر جيد، ولكن التجربة هي في اختيار الرؤية المعقّمة والحيادية بالكامل وهذا أمر مستحيل. إنّ الرؤية تبقى دائمًا متأثّرة بالفكر. في الحقيقة، لا وجود لتفاسير معقّمة. السؤال الذي طُرح إذاً: بأيّ منظارٍ نرى الواقع حولنا؟ أجابت أباريسيدا نرى الواقع بمنظار التلميذ. هناك أشكال أخرى لإضفاء الطابع الإيديولوجي على الرسالة الإنجيلية تظهر في الوقت الحاضر في أميركا اللاتينية والكاراييب في اقتراحات من هذا النوع مثلاً:
  • الإختزال الإجتماعي: هي الإيديولوجية الأكثر سهولة في الإكتشاف. في بعض الأوقات كانت قوية جدًا. تدعّي تفسير الكتاب المقدس على أساس العلوم الإجتماعية. وهي تغطّي حقولاً مختلفة من ليبرالية السوق إلى الأنواع المتعدّدة للماركسية.
  • الإختزال النفسي: هي الإيديولوجية التي تعتمد تفسيرًا نُخبويًا، تختزل فيه اللقاء مع يسوع المسيح وما ينتج عنه من تطوّر إلى ديناميكية لمعرفة الذات. نجده عادةً في دروس اللاهوت والرياضات الروحية، إلخ … ينتهي بمسلكٍ محوره مرجعية الذات. ليس فيه تسامي وبالتالي ليس فيه سلوك تبشيري.
  • الإقتراح الغنّوصي: له علاقة وثيقة بالإيديولوجية النفسية. نجده عادةً في جماعات نُخبوية تعرض روحانية سامية، بعيدة عن الواقع، وهي تقود إلى جعل الجدالات مواقفَ رعائية. كان هذا الإقتراح إحدى الإنحرافات الأولى في الجماعات المسيحية وقد تكرّرت بصيغٍ معدّلة ومصحّحة خلال تاريخ الكنيسة. يسموّنهم بالعامية “كاثوليك الأنوار” (لأنّهم ورثة عصر الأنوار)
  • الإقتراح البلاجياني: (نسبةً إلى هرطقة بيلاجيوس وهي تعوّل كل شيء على الجهد البشريّ وليس على عمل النعمة). يظهر بشكلٍ إصلاح. بمواجهة أوجاع الكنيسة، يبحث فقط عن حلٍّ تأديبي بإصلاح سلوكيات وأشكال قديمة بالية وغير مناسبة. في أميركا اللاتينية، نجدها في جماعات صغيرة وفي بعض الجماعات الدينية الجديدة التي تبحث عن أمان عقائدي أو إنضباطي. هي في جوهرها غير متحركّة حتى ولو ادّعت الديناميكية. هي تحاول استعادة الماضي الضائع.
  • تجربة الوظيفيةLe Fonctionnalisme

الوظيفية تشلّ الكنيسة. هي تهتمّ عادةً  ب”ورقة” الطريق أكثر من حقيقة الطريق. قائمة الوظيفية لا تقبل بالأسرار، لكن يهمّها الفعالية. وهي تختزل حقيقة الكنيسة بهيكلية جمعية غير حكوميةONG. ما يهمّها بالأكثر هو النتيجة الملموسة والإحصائيات. من هذا المنطلق نجد فيها كلّ أساليب”مدراء الكنيسة”(بالمعنى الشركات التجارية). وهي تشكّل نوعًا من “لاهوت الرفاهية” في التنظيم الرعوي.

  • تجربة الإكليروسية Cléricalisme

هذه أيضًا تجربة صحيحة هذه الأيام في أميركا اللاتينية. وفي أغلب الحالات، نجد تواطؤاً آثمًا: الكاهن يتطرّف والعلماني يشترك معه لأنه الخيار الأسهل له. هذا سببه نقص في النضوج والحرية المسيحية في قسم كبير من العلمانية اللاتينية الأمريكية. إما أن الغالبية لا تنمو أو أنه يستتر تحت غطاء الإيديولوجيات التي تكلّمنا عنها، أو إلى انتماءات مجتزأة ومحدودة. في مناطقنا نجد شكلاً من حرية للعلمانيين من خلال خبرات شعبية: الكاثوليكي كشعب. هنا نجد استقلالية أكبر، صحيحة عمومًا، يعبّر عنها بشكلٍ أساسي في التقوى الشعبية.(نجدها في وثيقة أباريسيدا). إنّ إقتراح جماعات بيبلية، جماعات إكليريكية أساسية ولجان رعائية يذهب في اتجاه تخطّي الإكليروسية وتنامي مسؤوليات العلمانيين.

لا شك أنّ هناك إيديولوجيات أخرى ليست من التقليد المسيحي، تهدّد التلميذ المبشّر. إلا أنّ هذه هي أهم التجارب التي تتعرّض لها الكنيسة بقوّة في أميركا اللاتينية والكاراييب وفي مناطق أخرى من العالم.

 (يتبع)

[1] https://fr.zenit.org/articles/les-tentations-auxquelles-les-eveques-doivent-resister/

Share this Entry

جيزل فرح طربيه

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير