في دراما اليوميات بمزيجها بين التهليل والآهات تنتصب “مائدة”: و من قلب روتينها رباط جميل مع الحياة. وإنه من الصعوبة بمكان ترك هذا المكان حتى من أجل احتفال أبهج يخلب الأذهان. لذا حين يأتي الموت الذي يشبه أمره أمر ولادة، وعلى الرغم من الانوارالقادمة، غالباً ما نجد أنفسنا في هذا الجنين لا نريد الخروج من الرحم الدافئ الحصين …
في نزاع يسوع في البستان ليلة الآلام ندرك انّ في اعتناق الله لبشريتنا إنسانية كاملة وليست بمبتورة – على حد قول القديس مكسيموس. وفي “دمه المتعرق”، دراما معنوية وليست بحت جسدية. في وحدة شديدة على الرغم من كونه “على مرمى حجر من الجميع” يسوع الانسان يعرق موتاً… لا خوفًا من ألم جسدي وشيك، بل حزناً!
” نفسي حزينة حتى الموت” (مت 26: 38) قالها جهراً.
نعم، نحتاج لأن نسمح لأنفسنا بالحزن على فكرة الموت ومن الجيد الإبتعاد عن إصدار أحكام مبسطة حول كيفية تعامل الآخرين مع الموت. فمن الشائع جدًا الاعتقاد التبسيطي بأنه إذا كان الشخص لديه إيمان حقيقي ، فيجب أن يكون قادرًا على ترك هذه الحياة بسهولة …. هناك حقيقة في هذا القول، لكن علينا التروي…. فحتى يسوع الذي واجه موته بالإيمان والشجاعة، واجهه أيضًا بحزن عميق ومرير، وسمح ان يقلقه في ذاك الظلام التفكير…. و ليس بهذا الحزن عيباً يقول الأب رولهيزر، فإن الأشخاص الأصحاء، الذين يحبون الحياة ، يجدون صعوبة في التخلي عن مكانهم على موائد هذه الحياة . وهنا بالذات الرب الذي لا يوقفه هذا الحزن عن مخططه الخلاصي، يعود ليعطينا توصية : “من يخسر نفسه يجدها” . فمن بين أمور أخرى ، هذا يعني أن نقبل أننا سنفقد يومًا مكاننا على مائدة هذا العالم. وان هذا القبول يعطينا تقديرًا أعمق لموائدنا حين لها ننضم!
في هذه الليلة، و فيما الظرف أفقدنا – مرحلياً – مكاناً على مائدة الرب والتي هي – بين موائد الحياة – الأثمن:
فلندخل مع السيد نزاعه ولننزع ادعاءاتنا ولنسمح لذاك الحزن المقدس أن يعيد ترتيب اولاوياتنا.
كم مرة أهملناه في القربان و جعلناه ثانويّاً في قائماتنا
كم مرة مررنا أمام بابه و عليه نظرة إهتمام ما ألقينا؟
كم مرة عنه – هو نبض الحياة – تغاضينا؟!
أو كم مرة – في روتيننا – قيمته أسقطنا…
اليوم، و بشريتنا تعرق دما وتعاني عزلا :
فلندخل بستانه و لنشكر له الجود…من عمق أرواحنا هلموا نؤدي له السجود
ولنذكر ان على جميع موائد الحياة يبقى حبه أثمن ما في الوجود … على ضفتي الخلود.