لا يجب أن يختلف إثنان على مبدأ أن كل حياة ثمينة بغض النظر عن العمر أو الجنس أوالطائفة أو الإنتجاية ….. إنّ كرامة الإنسان ليست شيئًا نكتسبه حصراً من خلال وضع إجتماعي أو صحي أو قدرة مالية أو منفعة ما تعود الى العامة… ولكنها إلى جميع البشر من الله هبة!!
سمعنا عن احدى المقاربات في مواجهة وباء العصر تدعى “مناعة القطيع”، حيث إن أصيبت نسبة كبيرة من السكان بالفيروس وتعافت منه ستكتسب مناعة جماعية ضده. صحيح أنّ هذه المقاربة هي طبياً شكلٌ من أشكال الحمايةغير المباشرة من مرضٍ معدٍ، حيث إذا كانت نسبة كبيرة من السكان تمتلك مناعةً لمرضٍ معين، فإنه يساعد في عدم نقل هؤلاء الأشخاص للمرض، وبالتالي يُحتمل أن تتوقف سلاسل العدوى. لكن هكذا سياسات تبقى تهديد مباشر لحياة المسنين والضعفاء؛ و لهذا سمعنا احد الرؤساء في دول تصنّف ب” العظمى” دعا في فترة ما الى توديع الأحباء قبل أن يعود الى تغيّر الإجراء.
تكشف الأوقات العصيبة عن قيّمنا الحقيقية وأولوياتنا وشخصيتنا كأفراد وكمجموعات. وهذه الأزمة الصحية غير المسبوقة و التي ترافقها كارثة اقتصادية متنامية ، يواجه كل منا اختبار أخلاقي أساسي. تصرفنا اليوم يوضح من نحن وما نؤمن به ونوع المجتمع الذي سنصبح عليه. من الملفت أن مجتمعات تُلقب بالمتقدمة قدمت على أي خيارٍ آخر ثقافة خطرة فيها عن سابق تصوّر وتصميم : الضعيف ضحية والمجتمع قطيع البقاء فيه للأقوى.
في المقابل وفي خضم التحديات والخيارات التي نواجهها كأفراد ومجتمعات، يقدم إيماننا طرقًا مميزة للنظر- في “مبادئ للتفكير، ومعايير للحكم، وإرشادات للعمل” من شأنها أن توجه خياراتنا الفردية والمؤسساتية والوطنية الى الخير.
ومن الملفت أنّ الرب يطلق على نفسه لقب ” الراعي الصالح” .
يبدو أنه لا مهرب: حقاً نحن قطيع!
ولكن …
كل الفرق يكمن بذهنية قيادة القطيع. فالراعي الصالح بذل نفسه من أجل خرافه، ترك ال٩٩ المعافين وأعطى جملة إهتمامه للضعيف والهائم في قطيعه.
اليوم، نحن أمام منطقين في السير: منطق الذي يدوس الضعيف ومنطق الذي يحميه.
ولا نظن انّ هذا يعني حصراً القيادة – فكل منا مسؤول على نطاقه.
اليوم، كل منا مدعو لدخول منطق الراعي الصالح:
فلا نستغل الأزمة لنرى أين إستفادتنا الشخصية على المستويات كافة:
أكانت إنتخابية أو سياسية أو مالية أو إجتماعية أو لوجستية…
ومن لا يستطيع تقدمة خدمة فليوفر إستهلاكها!
ومن هو أقل حاجة، من الجيد ألّا يسارع في منطق أناني الى حجز ما ” قد يحتاجه”:
بدءً من رفوف المحلات التجارية أو الأدوية و المستلزمات الصحية الى حصصٍ في الهبات الممنوحة أو المساعدات المحتملة… كانت جداتنا تعيد على مسامعنا في العامية:
“اللي بوفّر متل اللي بيجيب”.
و حباً بالله فلنحجب السلبية على من لا نطيق:
أقله نضبط اللسان الجارح ونقدر – حيث هو- العمل الصالح!
فلننظر الراعي الصالح ولنطوّر “مناعة قطيع” في إطار واضح:
مناعة ضد الأنانية الضيقة فهي – على كل الأصعدة – أشدّ فتكاً من أي وباء كاسح!!