Pentecost - Robert Cheaib - Robert Cheaib

عنصرة جديدة… اجتماع غير كلّ الاجتماعات

لنفسح لروح الرب مجالاً ليُخرج لنا الخير والهناء من شر وباء وبلاء

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

يحصل أن يجدد الإنسان زمن بابل القديمة، يبغي أن يلغي التعددية ويبني برجاً يرفعه الى قامة الله علّه يقتله و يحل مكانه. حينها يبتسم السيد الساكن في السماوات ويؤكد على خياره ورغبته في احترام التعدديات وينهار برج أوهام الإنسان…
في المقابل يقول الخبر الكتابي عن يوم العنصرة ‘الخماسيني’ أنه حين حلّ روح الرب وخرج الرسل للبشارة “تَجَمهَرَ النَّاسُ وقَد أَخَذَتْهُمُ الحَيرَة، لأَنَّ كُلاًّ مِنهُم كانَ يَسمَعُهم يَتَكَلَّمونَ بِلُغَةِ بَلَدِه” (أع 2، 6). لسنا متأكدين إن كان الرسل في العنصرة قد تكلّموا اللغات المتعددة أو أنّ السامعين قد سمعوا الرسالة عينها، كلّ بحسب لغته. و لكن من الواضح أنّ الربّ يرغب بالتعددية إنما في رباط وحدة المحبة. البشارة تنطلق من الجماعة حباً بكل فرد وتطاله بفرادته.

وتستوقفنا حقيقة أنّ حدث العنصرة حصل في اجتماع! هذا الحدث المركزي الذي يشكّل محطة غاية في الأهمية في تاريخنا، لم يكن فرديًا ما حدث لراهب على قمة جبل أو لأحد النساك الأتقياء المتأملين في “الأودية المقدسة” .
العنصرة، حلول روح الرب، حدث لجماعة إجتمعت للصلاة في “قاعة اجتماعات” … نعم العنصرة حدثت في إجتماع. ففي الجماعة يحررنا الروح من سلاسل الإنغلاق غير الصحي على الذات، فيتصالح كل منا مع ذاته، ومع الآخر، ومع الله.
صحيح أنه – بين الحين و الآخر- من المهم في حياتنا الروحية الإنسحاب من المجموعة لنكون وحدنا مع الله ولا شك انّ الله صديق الصمت على ما تقول الأم تريزا. مع ذلك، هناك بُعد في نضوجنا الروحي وتطوّرعلاقتنا بالله لا يمكن أن يحدث إلا ضمن مجموعة، في أسرة، في اجتماع. نحن لا نلتقي بالله فقط في تلك الأجزاء الهادئة العميقة من أرواحنا ولكننا نلتقي به أيضًا في العائلة، في الكنيسة…. في اجتماع: “حين يجتمع اثنان باسمي، أكون الثالث بينهما !” ومكانا اللقاء هذين لا يتعارضان بل يتكاملان من أجل فرح عميق ونقي في لقائنا بالله.

حين حلّ زمن وباء الكورونا، قُيّدت حركتنا وها هو ينهار برج كبريائنا… فهل نصعد الى تواضع “الغرفة العلوية” ونعقد اجتماعاً؟
لا لنرمم برج بابلنا بل لنطلب الروح الذي وحده قادر أن يجدّد وجه أرضنا.
هلّم نخرج نار تطهر رجاسة تركناها …
هلّم نخرج حافظين منطق “المسافة الآمنة” – لا فقط على مستوى صحة أجسادنا-
بل أيضاً من أجل أرضنا وسكانها: فلنترك لكل منهم مساحته في حقه في العيش بكرامة وسلامة. هلمّوا نخرج تاركين الأمان للتعددية ولكن موّحدين بمنطق المحبة نتحرك بحسبه بإحترام الإختلاف ومحو الخلاف، به نحقق العدالة والسلام والفرح لعالمنا.

يائساً من عدم جدوى سلسلة إجتماعات قال أحد المفكرين يوماً ساخراً: “عندما يكتبون تاريخنا، سيقولون ببساطة،” لقد عقدوا الإجتماعات!”
هي عنصرة ما بعد الكورونا … فيها: فلنعقد إجتماعاً غير كل الإجتماعات إجتماعاً مجدياً لا يتكل على منطق الأنا الضيقة …. إجتماعاً غير كل الإجتماعات نكتب فيه تاريخاً يؤكد على الترابط الإنساني رغم الحذر في موضوع التلاقي الاجتماعي. ولنفسح لروح الرب مجالاً ليُخرج لنا الخير والهناء من شر وباء وبلاء!

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أنطوانيت نمّور

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير