إحدى المهام التنموية للحركة الكشفية هي إكساب الأفراد السلوكيات الإيجابية من خلال التجارب العملية والتعلم بالممارسة وذلك لتعزيز الاستقلالية وبناء الثقة بالنفس والاعتماد على الذات.
من المتوقع في الأنشطة الكشفية أن يكون المشاركون متحمسون ومليئين بالطاقة وقد يُظهرون في بعض الأحيان سلوكاً سلبياً، فكل شاب في مرحلة ما قد يتصرف بطريقة صعبة، إنها عملية طبيعية للنشأة واختبار الحدود، حيث يتعلم الشباب طرقاً أكثر تطوراً للتواصل والتعبير عن أنفسهم، وقد يعاني البعض من مجموعة من العواطف ويعبرون عن أنفسهم بطرق مختلفة ومن الطبيعي أن يُظهروا في هذا المراحل العمرية تحدياً أو يفقدون السيطرة على عواطفهم أثناء تطور مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية.
ففي الكشفية اليوم، كما هو الحال في المجتمع بشكل عام، هناك أطفال وشباب قد يعيق سلوكهم بعض الأنشطة أو قد يؤثر على عمل الأفراد أو المجموعات وقد يسبب الضيق للآخرين، وقد يتسبب التخريب أو عدم الاحترام أو التحدي المستمر في تشتيت الانتباه عن أهداف البرنامج الكشفي.
يمكن أن تكون أسباب هذه السلوكيات كثيرة ومتنوعة وقد تكمن خارج الكشفية وأنشطتها، وكقائد من المهم التمييز بين الأسباب التي يمكنك التأثير عليها وتلك التي لا يمكنك، فيمكن أن يكون بعض هذه السلوكيات نتيجة للضجر أو الخمول، أو الكثير من النشاط على الجانب الآخر، لذلك يمكن أن يكون للطريقة التي تخطط بها للبرنامج تأثير كبير في تعزيز الانضباط البنّاء.
وكما هو الحال بالنسبة لكل شيء في الكشفية، فإن انضباط الأفراد هو رحلة مستمرة للتعلم، حيث يحتاج جميع الأفراد إلى الانضباط الراسخ ولكن المحب بنفس الوقت، كقائد أنت المعلم الأكثر أهمية وما تفعله وما تقوله يحدد المثال الذي سيتبعه الأفراد، فإذا تم تشجيع السلوكيات الإيجابية بشكل كافي فإن السلوك الإيجابي سيستمر، ولأن الحركة الكشفية هي المكان المثالي لبناء ودعم السلوكيات الإيجابية فمن المهم أن تكون إيجابياً وواقعياً أيضاً.
إن تمكين الشباب ليصبحوا قادة هو جوهر الكشفية، وأحد أهم التحديات التي تواجهنا هو تدريب الشباب على القيادة من خلال توفير التوجيه والتدريب والدعم اللازم، فكيف يمكنك كقائد التعامل بفعالية مع السلوك السلبي للكشاف:
- أولاً وقبل كل شيء علينا أن نعي أن زمن العقاب البدني قد انتهى علاوة على أنه ليس فعالاً في تحسين السلوك على المدى الطويل، ففي حين أنه قد يوقف السلوك غير المرغوب فيه وقت العقوبة، إلا أنه لن يساعد على تعلم اختيار السلوكيات الجيدة، وإذا كان الفرد لا يعرف سلوكاً جيداً فمن المرجح أن يعود إلى السلوك السلبي.
- تعزيز السلوكيات الايجابية قبل أن تصبح سلبية، من المهم أن تُقدم الدعم اللازم فأفضل طريقة لتوجيه سلوك أفراد المجموعة هي استخدام نهج إيجابي وبنّاء، لذلك كافئ السلوكيات الجيدة وركز على الجوانب الإيجابية للسلوك، بدلاً من التركيز على السلوكيات السلبية.
- سحب الامتيازات من شيء أو نشاط مفضل لفترة من الوقت بسبب السلوك غير المقبول، كعدم المشاركة بنشاط ترفيهي أو الحرمان من استخدام الأجهزة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي مثلاً، حيث تعطي هذه الطريقة إذا استخدمتها بشكل جيد الفرد الفرصة للتوقف والتفكير في سلوكه والتعلم من عواقبه.
- الخدمة المجتمعية كمدخل لتحسين القيم والسلوكيات وتزويد الأفراد بأنشطة ذات معنى من أجل تعليمهم قيمة الخدمة للآخرين ومجتمعاتهم من خلال تقديم المساعدة في أعمال الصيانة أو النظافة على سبيل المثال بدلاً من العقوبة في حال القيام بسلوك سلبي.
- استخدام اللغة الإيجابية والتواصل عند الضرورة، فالسماح للشباب بالتحدث دون مقاطعة والاستماع إلى ما يقولونه هو أحد السبل لكسب احترامهم، إضافة إلى ضرورة التحدث بحزم ودون صراخ عند الحديث عن السلوك السلبي، والتركيز على السلوك نفسه وليس على الشخص.
- كن قدوة لفريقك، من المهم خلق بيئة تشجع على السلوكيات الإيجابية وتستند إلى قيم الوعد والقانون الكشفي، تذكر أنك كقائد قدوة مؤثرة للشباب، فعلى سبيل المثال، إذا صاح القادة فإن الشباب غالباً ما يصيحون بصوت أعلى، لذلك فمن الممكن أن يكون سلوك القادة في بعض الأحيان حافزاً للسلوك غير المرغوب فيه لدى الشباب.
- الإشادة بالسلوك الإيجابي ومكافأته أكثر فعالية على المدى الطويل من التركيز على السلوك السلبي، أضف إلى ذلك ضرورة تعزيز ثقافة الثناء وعدم إلقاء اللوم مراراً وتكراراً، حيث يمكن ابتكار طرق لمكافأة الإنجاز، على سبيل المثال جائزة صغيرة، كما يمكنك أيضاً استخدام أشياء مثل الشهادات لمكافأة أي سلوك تريد تسليط الضوء عليه.
- ضع قواعد واضحة وأشرك أفراد المجموعة في هذه العملية، حيث يُعد وضع لائحة بالقواعد أمراً مهماً حتى يعرف الأفراد السلوك المتوقع منهم وما هي العواقب إذا قرروا خرق هذه القواعد، ولكن ينبغي أن تركز العواقب على التعلم والتنمية، بدلاً من العقاب، وتختلف هذه العواقب تبعاً للسلوك نفسه والظروف.
أخيراً علينا أن ندرك أن الكشفية تقدم رسالة تربوية مُكمّلة لرسالة المدرسة والأسرة هدفها مساعدة الشباب على التطور جسدياً وفكرياً واجتماعياً وروحياً من خلال توفير بيئة تعلم غنية يتعلمون من خلالها كيفية اتخاذ خيارات جيدة وتحمل المسؤولية عن أفعالهم حتى يكونوا مستعدين للحياة كأشخاص مستقلين.