vatican Media

البابا: خذوا على محمل الجد المتطلّبات الإنجيلية

أيها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير! يدعونا الإنجيل في هذا الأحد بعبارات قوية، (را. متى 10، 37-42) إلى أن نعيش إيماننا بالربّ يسوع بصورة كاملة ودون تردّد. يطلب يسوع من تلاميذه أن يأخذوا على محمل الجد المتطلبات الإنجيلية، حتى عندما يتطلَّبَ ذلك […]

Share this Entry

أيها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

يدعونا الإنجيل في هذا الأحد بعبارات قوية، (را. متى 10، 37-42) إلى أن نعيش إيماننا بالربّ يسوع بصورة كاملة ودون تردّد. يطلب يسوع من تلاميذه أن يأخذوا على محمل الجد المتطلبات الإنجيلية، حتى عندما يتطلَّبَ ذلك التضحية والجهد.

أوّل طلب مُلزِمٍ يوجِّهُه إلى من يتبعه هو أن يضع المؤمن بهِ محبته، محبة يسوع، فوق العواطف العائلية. قال: “مَن كانَ أَبوه أو أُمُّه […] ومَن كانَ ابنُه أَوِ ابنَتُه أَحَبَّ إِلَيه مِنّي، فلَيسَ أَهْلاً لي” (آية 37). إن يسوع لا يريد بالتأكيد أن يقلل من قيمة محبة الوالدين والأبناء، لكنه يَعرف أنّ روابط القرابة، إذا احتلت المكان الأوّل، يمكنها أن تنحرف عن الخير الحقيقي. نرى ذلك: بعض الفساد الموجود في الحكومات والناتج على وجه التحديد لأنّ محبة القرابة تكون أكبر من محبة الوطن، وهم يوظفون الأقارب في المناصب. الشيء نفسه مع يسوع: عندما يكون حبّ أفراد العائلة أكبر محبتنا له فهذا ليس خيرًا. ويمكننا جميعًا أن نقدم أمثلة كثيرة حول هذا الأمر. ناهيك عن الحالات التي تختلط فيها العواطف العائلية مع اختيارات تتناقض مع الإنجيل. لكن، عندما تكون محبة الوالدين والأبناء موجَّهة ومطهَّرةً بحبّ الربّ يسوع، فإنّها تصبحُ كلُّها خصوبةً وتُثمِرُ ثمارَ خيرٍ في العائلة نفسها وأبعد منها بكثير.بهذا المعنى يقول يسوع هذه العبارة. لنتذكر أيضًا كيف وبخ يسوع معلمّي الشريعة الذين يجعلون الآباء يفتقرون إلى الضروري بحجة تقدمته للمذبح وللكنيسة (را. مر 7، 8- 13). وبخهم! تتطلب محبّة يسوع الحقيقي حبًّا حقيقيًا للوالدين والأبناء، ولكن إذا بحثنا عن المصلحة العائلية أولاً، فهذا يقودنا دائمًا إلى طريقٍ خاطئ.

ثم قال يسوع لتلاميذه: “مَن لم يَحمِلْ صَليبَه ويَتبَعْني، فلَيسَ أَهْلاً لي” (آية 38). يجب أن نتبعه على الطريق الذي سار هو فيه، دون البحث عن طرقٍ مختصرة. لا يوجد حبّ حقيقي بدون صليب، أي بدون ثمن ندفعه شخصيًا. إن هذا ما تؤكده الكثير من الأمهات، والكثير من الآباء الذين يضحون بأنفسهم للغاية من أجل أبنائهم ويتحملون تضحيات حقيقية وصلبان لأنّهم يحبون. إن الصليب لا يخيف عندما نحمله مع يسوع، لأنّ يسوع دائمًا إلى جانبنا ليقوينا ويشجعنا في ساعات المحنة. ولسنا بحاجة لأن نقلق لكي نحافظ على حياتنا، بخوفٍ وأنانية. إن يسوع يحذرنا قائلا: “مَن حَفِظَ حياتَه يَفقِدُها، ومَن فَقَدَ حَياتَه في سبيلي – أي بدافع الحبّ، محبّةً بيسوع ومحبّة بالقريب، ومن أجل خدمة الآخرين – يَحفَظُها” (آية 39). إنها مفارقة الإنجيل. وعن هذا أيضًا، لدينا والحمد لله، العديد من الأمثال، التي نراها في هذه الأيام. فكم من الأشخاص يحملون الصلبان لمساعدة الآخرين! إنهم يضحون بأنفسهم لمساعدة الآخرين المحتاجين في هذه الجائحة. ولكن، دائمًا مع يسوع، يمكن القيام بذلك. إنّنا نجد ملء الحياة والفرح عندما نبذل أنفسنا في سبيل الإنجيل والإخوة، بانفتاح وقبول ومحبة.

إن فعلنا ذلك، يمكننا أن نختبر سخاء الله وثوابه. وقد ذكَّرنا يسوع بذلك لما قال: “مَن قَبِلَكم قَبِلَني أَنا، […]. ومَن سَقى أَحَدَ هَؤلاءِ الصِّغارِ، وَلَو كَأسَ ماءٍ باردٍ […] فإِنَّ أَجرَه لن يَضيع” (الآيات 40 -42). ثواب الله سخي ويأخذ بالحسبان حتى أصغر لفتة حبّ وخدمة نقدمها للإخوة. في هذه الأيام، سمعت كاهنًا كان قد تأثّر لأنّ طفل قد اقترب منه في الرعية وقال له: “أبتِ، هذا ما وفرته، شيء صغير، إنّه لفقرائك، للذين يحتاجون اليوم بسبب الجائحة”. شيء صغير، لكنه كبير! إنه امتنان معدٍ، ويساعد كلّ واحد منا على التحلي بالامتنان إزاء الذين يهتمون باحتياجاتنا. عندما يُقَدِم لنا أحدٌ ما خدمة، يجب علينا ألّا نعتقد أنّ كل شيء واجب.لا، يتم إجراء العديد من الخدمات مجانًا. فكروا في التطوع الذي يُعد من أعظم الأمور التي يمتلكها المجتمع الإيطالي. المتطوعون … وكم منهم قدموا حياتهم في هذه الجائحة! إننا نقوم بالامتنان بدافع الحب من أجل الخدمة بكل بساطة. التقدير، أو معرفة الجميل، هو قبل كل شيء علامة للتربية الصالحة، ولكنه أيضًا ميزة المسيحي. إنّها علامة بسيطة ولكنها أصلية لملكوت الله، الذي هو ملكوت المحبة المجانية والممتنة وملكوت الإكرام والتقدير.

لتساعِدْنا مريم كليّة القداسة، التي أحببت يسوع أكثر من نفسها وتَبِعَتْه حتى الصليب، لكي نضع أنفسنا دائمًا أمام الله بقلبٍ مستعد، فنترك كلمته تحكم وتوَجِّه تصرفاتنا وخياراتنا.

صلاة التبشير الملائكي

بعد صلاة التبشير الملائكي

أيها الإخوة والأخوات الأعزّاء،

يوم الثلاثاء المقبل الثلاثين من يونيو/حزيران سيُعقد المؤتمر الرابع للاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتّحدة من أجل “دعم مستقبل سوريا والمنطقة”. لنصلِّ من أجل هذا اللقاء الهام لكي يتمكن من تحسين الوضع المأساوي للشعب السوري والشعوب المجاورة ولا سيما في لبنان في إطار الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الخطيرة التي جعلتها الجائحة أصعب. فكّروا أنّ هناك العديد من الأطفال الجياع والذين ليس لديهم ما يأكلوه! من فضلكم، ليكن المسؤولون قادرين على صنع السلام.

أدعو أيضًا للصلاة من أجل سكان اليمن. وهنا أيضًا، بشكل خاص من أجل الأطفال الذين يعانون بسبب الأزمة البشريّة الخطيرة. كذلك من أجل الذين تضرّروا بسبب الفيضانات القوية في غرب أوكرانيا لكي يختبروا تعزية الربّ ومساعدة الإخوة.

أتمنّى للجميع أحدًا مباركًا. من فضلكم، لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي. غداء هنيئًا! وإلى اللقاء غدًا في عيد القديسَين بطرس وبولس.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2020

 


© Copyright – Libreria Editrice Vaticana

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير