“مدينة الملائكة” فيلم عُرض قبل سنوات يتناول قصة ملاك يدعى سيث كانت مهمته مرافقة أرواح المنتقلين حديثاً من الأرض. في إحدى مهامه، وهو ينتظر في المستشفى ، يقع سيث في حب جرّاحة لامعة. بصفته ملاكًا، هو لم يختبر ابداً عالم الحواس، والآن، وهو يتوق الى لمس محبوبته ها هو يقف امام معضلة: فأمام حريته الممنوحة، لديه خيار التخلي عن وضعه الملائكي ليصبح شخصًا بشريًا، ولكن فقط على حساب التخلي عن حالة ” عدم الموت”.
خيار صعب: من جهة الخلود خالٍ من أي تجربة جسدية أو حسية، ومن جهة أخرى هذه الأخيرة وما يأتي معها من نقص وألم ، شيخوخة ومرض و حتى موت. وسيث يختار هذا الأخير ، متخليًا عن مكانته كملاك خالد من أجل ما يمكن أن يعيشه مع حبيبته من خلال الحواس.
…..
قصة خيالية طبعاً لكن تعكس الواقع الغالب للحواس: نرى كم يجعل كل شيء آخر يبدو غير واقعي وثانوي. ما نختبره من خلال حواسنا، ما نراه، نسمعه، نتذوقه، نلمسه، نشتمه هو ما هو حقيقي بالنسبة لنا.
يبدو لدينا نسختنا الخاصة من إعلان ديكارت.
بالنسبة لكل منا : “أشعر ، إذاً أنا موجود!”
…
و لكن!
الحقيقة هي أننا جسد وروح، ولا يمكن فصل أي منهما عن الآخر. نحن مزيج من تلك “الثدييات” والملائكة على حد سواء. وفي بحثنا عن الحياة والمعنى والسعادة والله ، يجب ألا ننسى أننا كلاهما. إن أرواحنا تنفتح على الحياة من خلال الحواس، أما ما يعطي العمق والمعنى لما هو حسي فهو الروح!
ومن اجل روحانية صحية نحتاج ان ندرك هذه الحقيقة .أي تجربة حسية يمكن أن تكون عميقة أو ضحلة؛ حتى أن ملذات الحياة العادية ممكن ان تكون ذات قيمة عميقة أو ان تكون سطحية … أن تكون أكثر صوفية أو أن تنزلق الى مجرد “حيوانية” (اذا استخدمنا التعبير الصادم). كل هذا يعتمد على مهارتنا في العزف بين ما هو حسي وما هو ملائكي داخلنا.
…
قبل بضع سنوات ، في ندوة حول الأنثروبولوجيا، قال احد المحاضرين: “ما ينساه علم النفس والروحانيات هو أننا من الثدييات”. إنه على حق! لكن الدوائر الدينية محقة أيضًا في تذكيرنا باستمرار بالّا نضع جانبنا الملائكي في هذه الحياة جانباً.
مسكين سي ، ملاك مدينة الملائكة المعذب، لم يكن عليه أن يقوم بهذا الاختيار.
( بتصرف عن الأب رولهايزر)
ZENIT
ملائكة في مملكة الحواس؟
أرواحنا تنفتح على الحياة من خلال الحواس