في قلق على أمور الحياة بات معتاد في أيامٍ قاسية تأخذ منحاً إنحدارياً، نبدو متعبين ، ومشتتين، ومشغولين في محاولات تصحيح ما أفسدته الأزمات لدرجة يصعب فيها إيجاد الوقت والطاقة للتركيز على الله و لو لبعض اللحظات.
وفيما التفكير عامودياً يبدو لكثيرين بيننا غير واقعياً يطل عيد القديس شربل الناسك مجدداً.
كم منا من يحتار بهذا القديس ويسأل لمَ يُكثر الله الأعاجيب على يديه ؟! قد نجد في صرخة “إحفظ الصلاة” شيئاً من الجواب. شربل في حياته سعى صوب إنجاز وحيد : أن يكون صلاة في رجل لا مجرد رجل صلاة. و بما ان الصلاة هي في النهاية صلة لم ينفصل قلب شربل عن مبدعه يوماً.
واليوم، فيما باهتة هي بل متوارية ذكرى رجال المال و النفوذ و السلطة من أيام شربل، لا زال ذاك الناسك الذي كان مغمور يضج ذكره في كل المعمور…. ليذكرنا ان الإفراط بالتفكير أفقياً يسطّح الحياة…. و ان التواصل مع صانع “الحياة” هو ما يجنبنا الموت و الغرق في الظلمات. أما أعاجيب الرب على يديه تبقى ” آية” = علامة على أهمية ألاّ ننسى أن نسحب قلوبنا الى الله.
و لنزهد، أقله في قسم من وقتنا، للحد مما قد يأخذ قلوبنا بعيداً عن الله. شربل يقول لنا اليوم أنه إذا أقمنا إتصالاً سليماً عامودياً ستصطلح أمورنا أفقياً. لا من باب المنطق التجاري حيث أن “ثمن” الصلاة يكون راحة مادية أو عائلية أو إجتماعية…. في الحياة! لا، بل من باب المنطق الواعي ان حين صلاتنا تستمد تشابهاً مع إرادة الله لنا، فإننا نحصد الخير لنا و لمن حولنا.
شربل يصرخ لنا اليوم: الله أولاً! لا لأن الله تزيده صلاتنا قيمةً فهو هو : الإله اليوم و امس وغداً…. لكن حين نضعه أولاً تأخذ كل باقي أمورنا ما يناسبها من التفكير حجماً و هو ما يفتح للحلول و للخير أبواباً. لذا ، بغض النظر عما يدور في أذهاننا ،و بغض النظر عن ما يشتت انتباهنا فلنقصد أن نتوجه دورياً ، في كل يوم، صوب إلهنا وندعه يكون “الله ربنا “. فلنجعل له فسحة ً نعيش فيها ” نسكاً” ننفصل فيه عن تأليهنا لذواتنا و محاولتها لعب دور ضابط الكل من حولنا.
اليوم : فلننصت لصمت الناسك الحبيس و في عيده حبذا لو لا نضع في فمه طول الأحاديث بل منه لنكتسب عادة الصلاة : أثمن المواريث.