في زمن إيليا – كما في كل وقت – يحدث ان تنقسم القلوب في العبادة…. نعبد الله ونؤله معه أشياء أخرى. في حينها كان الشعب يريد أن يعبد الاثنين معًا: الله والبعل.أما إيليا، نبي الله، فدعاهم الى حسم خياراتهم: “إن كان الرب هو الله فاتبعوه، وإن كان البعل فاتبعوه.(ملوك الأول 18: 21)” . وعليه يختار قمة جبل الكرمل – الذي بحسب الكنعانيين انذاك هو مسكن الآلهة – ومن ينجح بأن يُنزل ناراً على محرقته يحسم الجدل وبذلك أراد أن يثبت ان الله هو الإله الحي في معقل دار الوثن.
“صرخ أنبياء بعل بصوتٍ عالٍ، وتقطَّعوا حسب عادتهم بالسيوف والرماح حتى سال منهم الدم” (ملوك الأول 18: 28) إنها العبادة الوثنية حيث يقع الإنسان بفخ الإنغلاق على الذات: حيث يظن أنه بجهوده الخاصة، يمكنه الوصول الى القوة الإلهية. وبدلاً من أن يفتح قلبه لعلاقة تحررية تسمح بالخروج من الفضاء الضيق لأنانيته ينغلق الشخص في دائرة يائسة من البحث عن الذات. و يجد نفسه مضطراً على القيام بأعمال متطرفة، في محاولة عبثية لإخضاع الألوهية لإرادته. على حد تعبير البابا بنديكتس السادس عشر أنّ عمل أنبياء البعل مثير للشفقة والسخرية في آن : فمن أجل الحصول على إجابة جرّحوا أجسادهم، ومن أجل الحصول على علامة حياة من إلههم، غطوا أنفسهم بالدم، رمزياً = غطوا أنفسهم بالموت!!
“ولم يكن صوت ولا مجيب ولا مصغ.” (ملوك الأول 18: 29)
لم تكن كذلك صلاة إيليا. طلب من الناس أن يقتربوا، وبالتالي طلب فعل إتحاد وشراكة.
كان الهدف من التحدي الذي وجهه إلى ” أنبياء” البعل هو إعادة الناس الذين ضلوا. لذلك أراد أن يتحد شعب الله معه، ليصبح مشاركًا في صلاته. ثم بنى مذبحًا ، كما جاء في النص ، “أخذ إيليَّا اثني عشر حجرًا بعدد أسباط بني يعقوب الذي كان كلام الرب إليه قائلًا إسرائيل يكون اسمك” (ملوك الأول 18: 31) فكانت تلك الحجارة تمثل الشعب كله على مذبحٍ يشير إلى حضور الرب. وفيما يطول التأمل حول صلاة إيليا النبي، التي في ختامها نزلت نارًا من الرب، من السماء ، والتهمت المحرقة فلنتوقف في عيده امام صلاتنا ولنفكر:
هل نرفعها لله و قلبنا منقسم بتكريمه بينه و بين مئة بعل و بعل (واليوم لا صوت يعلو فوق سوط المال)؟!
أندري ان صلاتنا هي ل”حيّ ” لا لمجرد فكرة ألبسناها عباءة أفكارنا وأصبحنا لها ” أنبياء”؟
هل نعي ان الهدف من صلاتنا هو التحوّل من (أنا) مقفلة في قبر الى وعي لأهمية ال(نحن) لإتمام البر؟
هل ندري ان حين تنطفىء المحبة في حياتنا سوف تتدمر عبادتنا؟
هل نطلب نار الله كي نرى نوره ثمرة صلاتنا؟
نار الله ، تحرق، تطهر، تنوّر، تحوّل؟ أنطلبها؟ نعم! فكم نحن بحاجة أن تضطرم!
اليوم، في خضم ازماتنا فلنحسم خياراتنا!
و لنعي أنه إذا كنا برداء إيليا متشحين، ولصلاته مرددين: لأجنحة الروح نصير مكتسبين …
نتوحد ونرتفع ونرفع من حولنا الى سماءٍ نتوق إليها أجمعين!!!