“لا تدعوا الأمل يموت في سوريا”: هذا هو النداء الذي أطلقه السفير البابوي في دمشق، الكاردينال ماريو زيناري خلال لقاء غير مسبوق له في روما مع السلك الدبلوماسي.
التقى السفير البابوي في سوريا، الكاردينال الإيطالي ماريو زيناري، أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي، الخميس 15 تشرين الأوّل 2020، بحسب ما أفاد الكرسي الرسولي في بيان نُشر باللغات الإيطالية والإنجليزية والإسبانية.
إنه لقاء استثنائي جرى بحضور الكاردينال بيترو بارولين، أمين سرّ حاضرة الفاتيكان، والمونسنيور بول ريتشارد غالاغير، أمين سرّ العلاقات مع الدول، وهي علامة تدلّ على أهمية هذه العمليّة بالنسبة إلى الكرسي الرسولي.
وقال المصدر نفسه: “إنّ هذا الاجتماع هو فرصة لإعادة إحياء الانتباه إلى الوضع الذي تجد سوريا نفسها فيه، بعد مضي عشر سنوات من العنف”.
أعرب الكاردينال بيترو بارولين عن “أمله” في أن “لا يعتاد العالم على سلسلة الأهوال التي تأتي إلينا كل يوم من هذه الأمة المعذبة”.
من جهته، لاحظ السفير أنّ سوريا تبدو وكأنّها اختفت من «رادار الإعلام». لكن “الكارثة الإنسانية” لا تزال قائمة، وما يقلق أكثر بعد من الصواريخ هو “قنبلة الفقر” التي تصيب 80٪ من السكان: يقدَّر أنّ 11 مليون سوري بحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
وشكرهم الكاردينال زيناري على سخاء العديد من الدول والمؤسسات، لا سيما وكالات الأمم المتحدة، التي قامت بسلسلة من المشاريع الإنسانية، ذاكرًا حالات كثيرة من حالات الطوارئ التي تؤثّر على البلاد، بالأخصّ الصحيّة منها.
لكن حذّر السفير البابوي من أنّ “الوقت ينفد”: سوريا مليئة “بقرى الأشباح” ، والأنقاض، ولهذا “فقد الكثير من السوريين كل أمل”.
ولم يفلت السفير البابوي من السؤال الحسّاس المتمثّل في “العقوبات” الدولية المفروضة على سوريا، مستنكرًا بأنها “تمسّ السكان بلا هوادة”.
ودافع بشكل خاص عن الأطفال وكبار السن الذين يموتون في الشتاء بسبب البرد. وتحدّث عن نزوح الشباب الأكفّاء وموت غيرهم في الحرب؛ عن أهمية عودة اللاجئين؛ ومشكلة المفقودين والمعتقَلين.
أخيرًا، دعا الكاردينال الإيطالي، الذي لم يرغب أبدًا في مغادرة البلاد، إلى “استجابة دولية” و”حلول جذرية طويلة الأمد”، في أعقاب تدخّلات البابا فرنسيس العديدة في سوريا وفي ضوء رسالته البابوية الأخيرة “جميعنا إخوة” “Fratelli tutti” التي يقول فيها، من بين أمور أخرى: “إما أن ننقذ أنفسنا جميعًا أو لا يهرب أحد” (رقم 137).
ثمّ أجاب الكاردينال ماريو زيناري على عدة أسئلة طرحها الحاضرون، تتعلّق بالعلاقات بين الطوائف الدينية في سوريا، حول الحاجة إلى انتعاش اقتصادي على مستويات مختلفة لإعادة إعمار البلاد؛ تداعيات الصراع على وجود المسيحيين في المنطقة؛ حالة الطوارئ التعليمية؛ وضع المرأة؛ الحاجة إلى موارد مالية إضافية لمشروع “المستشفيات المفتوحة”: ثلاثة مستشفيات كاثوليكية في دمشق وحلب يمكن للمرضى، بغض النظر عن عرقهم أو دينهم، الوصول إليها مجانًا.
وانتهى اللقاء بشكر أمين سرّ حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين الذي جدّد دعوته لـ “البحث عن حلول جديدة” و”عدم التخلي عن سوريا تحت عباءة الصمت واللامبالاة”.