“الأخوّة الإنسانيّة هي الترياق ضدّ أمراض الكراهية والعنصريّة. إنّها مناعة صلبة في مواجهة الأوبئة الفكريّة والأخلاقيّة”: هذا ما أعلنه الشيخ أحمد الطيب إمام الأزهر في رسالة له تمّت قراءتها خلال اللقاء بين الأديان الذي نظّمته “سانت إيجيديو” البارحة 20 تشرين الأول 2020، كما كتبت الزميلة مارينا دروجينينا من القسم الفرنسيّ في زينيت.
في التفاصيل، وبما أنّ الشيخ أحمد الطيب لم يستطع السفر بسبب القيود الصحية المفروضة، مثّله في اللقاء في روما المستشار محمد عبد السلام، الأمين العام للّجنة العليا للأخوّة الإنسانيّة.
وشرح الإمام في كلمته أنّ “وباء فيروس كورونا الذي لم تفلت من تداعياته أيّ من الدول أظهر وباء آخر قديماً لكن متجدِّداً، هو وباء العنصرية والتمييز، ووباء تآكل الضمير الإنسانيّ”.
وكتب أيضاً: “صُدِمنا بظهور أشكال جديدة من التمييز بسبب كورونا… وسمعنا أصواتاً تدعو إلى ترك بعض الفئات لمواجهة مصيرها بدون مساعدة، بهدف إعطاء الأولويّة في العلاج لآخرين. إنّ هذه الدعوات لا تعبّر إلّا عن انعدام إنسانيّة مُطلقيها”، مُشيراً إلى أنّ العلاج الوحيد للتغلّب على هذا المَيل هو تنمية الأخوّة الإنسانيّة وبذل الجهود لتأمين سلامة الآخرين.
وفي كلمته أيضاً، تطرّق الشيخ أحمد الطيب إلى مفهوم العولمة الذي كان يحمل للعالم “قِيم الحرية والعدالة والمساواة، إلّا أنّه تبيّن لنا أنّ هذه القيم النبيلة استُغِلّت بطريقة غير إنسانيّة… شهدنا على انهيار هذه القيم عندما أغمض العالم عينيه على تعرّض شعوب بأكملها للتهجير والقتل والجوع (وهنا أعطى مثل الروهينغا الذين تُركوا لوحدهم)”.
وبحسب الشيخ الطيب، “جاء كورونا ليُعلن للعالم وفاة العولمة. واليوم، آن الأوان لنتبنّى شكلاً جديداً من العولمة التي تتأسّس على الأخوّة الإنسانيّة التي تُساوي بين الجميع في الحقوق والواجبات، وترسّخ التعايش”.
كما وأشار إلى مسؤوليّة القادة الدينيّين والدور الذي يجب أن يلعبوه في أزمة خانقة كهذه: “علينا إحياء الإيمان في قلب الناس وإظهار الرسالة الحقيقيّة للدين الذي يرفع القيم الإنسانيّة”.
الجريمة الإرهابيّة الأثيمة
في رسالته، تطرّق إمام الأزهر أيضاً إلى قتل أستاذ التاريخ سامويل باتي في باريس يوم 16 تشرين الأوّل الماضي قائلاً: “كمُسلمٍ وكشيخ للأزهر، أعلن أنّ الإسلام وتعاليمه ونبيّه براء من هذه الجريمة الإرهابية الأثيمة… إنّ الإساءة للأديان والنَّيل من رموزها المقدّسة تحت شعار حرية التعبير هو ازدواجيّة فكريّة ودعوة مفتوحة للكراهية. هذا الإرهابي لا يتكلّم باسم ديانة النبيّ محمد بقدر ما لا يتكلّم الإرهابي الذي قتل مسلمين في نيوزيلندا لغة المسيح”.
وفي الختام، شكر الإمام البابا فرنسيس على “رسالته الحبريّة المهمّة” التي تساعد على فهم آلام “الأخوّة الإنسانيّة” وآمال تحقيقها.