لقد قال البابا فرنسيس في فاطيمة-البرتغال، بمناسبة الذكرى المئويّة الأولى لظهورات العذراء مريم: «إنّنا نرتكب ظلمًا كبيرًا ضدّ الله ونعمته، عندما نؤكّد أولّا أنه يعاقب الخطايا، بدل أن نعطي الأولويّة –كما يظهره الإنجيل- لكونه يغفر الخطايا برحمته! علينا أن نعطي الأولويّة للرحمة قبل الإدانة، وسوف تتمّ دينونة الله، في جميع الأحوال، على ضوء رحمته.
ومن الواضح أنّ رحمة الله لا تنفي عدله، لأن يسوع قد أخذ على عاتقه عواقب خطيئتنا والعقوبة المستحقّة.
فهو لم ينكر الخطيئة، بل دفع الثمن عنّا فوق الصليب. وهكذا فقد حُرِّرنا من خطايانا بفضل إيماننا الذي يوحّدنا بصليب المسيح؛ لنضع إذًا جانبًا كلّ أشكال الخوف والرهبة، لأنّه لا يتناسب مع مَن هو محبوب (را. ١يو٤: ١٨)».
لننظر جيدًا أين قال البابا فرنسيس هذا الكلام ومتى:
– في فاطيما- البرتغال، حيث أكدت الكنيسة بحدوث أمر «فائق للطبيعة» هناك، ويحمل في طياته رسالة مهمة للكنيسة، ولكنها لا تُضيف شيئًا على الإيمان…
– في الذكرى المئوية الأولى للحدث «الفائق للطبيعة» الذي حدث، والذي حمل رسالة رجاء للعالم أجمع، بأنّ الله يعتني بخليقته ويحبها…
لقد قال البابا فرنسيس هذا الكلام في المكان الذي ظهرت فيه وحوله -واستنادًا إلى ما يُروَى عنه- الكثير من الحركات التي يُمكن بسهولة تسميتها بالـ«بِدَع» لأنها أعلنت بأن الله سَيُفني العالم بالدمار والخوف والرعب والعقاب…
فالله يغفر قبل أن يُعاقب، يرحم قبل أن يدين… لقد أرسل يسوع ابنه كفارة عنا، طلب للبشرية المغفرة من على صليبه، رحم البشرية بتحطيمه للموت، كسر ظلمة القبر بقيامته…
نحن البشر نحكم على أنفسنا وعلى بعضنا البعض بالموت، لأننا لا نعرف كيف نحب… أمّا الله يحكم علينا دومًا بالحياة لأنه حُبٌّ، وحيث هناك الحب، لا مكان للموت ولا للعقاب ولا للدمار ولا للدينونة…
رُبَّ سائلٍ يسأل: أين هو عدل الله؟ ألا يجب أن يُحاسَبَ الإنسان على عصيانه؟
الجواب: عدل الله هو الحب! الحب الناصع البياض المُشرق، لا يُمكن أن يلبسه قلبٌ مُتَّسخٌ مُظلم، والقلب دون حب يموت… لِنُجَهّز قلوبنا للقاء الحب الإلهي! فإن جعلناها بيضاء ناصعة، دخلنا الحياة الأبدية، وإلا نكون قد أصَرَّينا على البقاء بعيدا عن حضور الله حيث البكاء وصريف الأسنان، وحيث نار الأحقاد التي في قلوبنا ستدمّرنا…
الله لا يعاقبنا كما نعاقب بعضنا بعضًا! هو ليس مثلنا! الله يحكم دومًا بالرحمة والحب! فمن عمل بهما صار فيهما مع الله، ومن لم يعمل بهما، ابتعد عنهما وحكم على نفسه بالظلمة البرانية.
إلهنا ليس إله عقاب! هذا الكلام فيه ظلم كبير! إلهنا هو إله رحمة وعدل، وفي ذلك حبٌّ كبير…