قصة الرسومات الكرتونية في فرنسا والتي بدأت منذ نصف عقد لم تنتهي فصولاً بعد…
تردداتها كلفت حياة عشرات الأشخاص منهم أبرياء ” لا ناقة لهم و لا جمل” في المسألة.
ويُطرح السؤال : لما وصلنا الى هذه الحِدة و الى هذا الحد؟
في مطلع الحديث يجب أولاً أن يُدان أي إرهاب يطال الحياة، لا سيما حياة أبرياء يصلّون في دور عبادتهم بسلام. ولكن فعل التمييز يحتم قراءة متأنية:
يتحدث علماء الكتاب المقدس عن الكلمة اليونانية المستخدمة في آية من إنجيل متى حول وجوب عدم دينونة الآخرين وهي ( krino) تأتي بمعنى حكم أو لعن. أما في الرسالة الى كورنتس حيث يشجع على “الحكم على كل شيء” فهناك تُستخدم كلمة (anakrino) بمعنى حكم و تمييز أو دراسة.
وهكذا بينما يحثنا الرب على عدم إدانة الآخرين بمعنى عدم “لعنهم” (مت 7: 1-2) هو ما يزال يشجعنا على “الحكم على كل شيء،” باستخدام ما وهبنا للتحقيق في الأمور و تمييز الحقيقة. (1 كو2: 15).
في الربوع الفرنسية، ومنذ سنين ، لا يزال هناك مجموعتين تبتعدان عن الحكمة : إخفاق في التمييز و إصرار على دينونة الآخر.
فمستوى “السخرية” الذي مارسه صحافيّون أنذاك غيّب أي حس بإحترام الآخر و معتقداته … و التعرض لمقدسات الآخرين هو فعلاً “مسيء”; عمل – لا البارحة و لا اليوم يمكن أن يُصنف في خانة الحرية المسؤولة – ولا يتمتع بالحكمة حتى البشرية منها! و أتى اليوم الذي فيه استيقظ غضب “قايين” ما ، وضع المحبة جانباً وأصرّ على “اللعنة”. فوقعت الفاجعة!!
الإصرار على القتل المعنوي كوجه من وجوه الحرية قابله إصرار على الحذف الجسدي كوجه من وجوه ” دفع الأذية” … و منهم من بإسم الحرية حذف الله وسخر من إيمان بعض أبنائه ومنهم من حذف الله وقتل بإسمه بعض آخر من أبنائه!! والحال عند تغيّب الله، تغيب الحياة ولا يبقى سوى حضارة الموت!!
اليوم، كل مؤمن حق – مسلم أو مسيحي – أمام مشاهد نيس الفرنسية ، يقف حزينا . لذا و نصرة لمنطق التمييز ، و كي لا نغرق في لجة لعنة الحقد، فنبرر لقطع الرؤوس أو لإهانة النفوس، لا بد من القول:
حذار من حرية الهالكين – الذين هم لنفوسهم مؤلهين!
هي حرية قد تأخذ قناع الإلتزام أو العقلانية … و لكنها في الحقيقة لا تعرف لا الإيمان ولا الإنسان. هي تدعي بلوغ الكمال بمجد خارجي، فتقتل الإنسان الداخلي لتستفيق على موت أبدي!