عندما لم يعد بإمكان أي شخص أن يقول “كل شيء على ما يرام” وعندما ما لا يمكن تصوره قد حدث فعلاً … عندما يكون الموت حقيقة فاضحة ولا توجد محاولة لتمويهه أو تليينه: ها العظام الجافة تحيا! حياة جديدة ممكنة حقًا!
في أيام حزقيال النبي كان الموت حقيقيًا لشعب الله – بما في ذلك “موت” مملكة داوود ، والاستقلالية السياسية ، وحتى العبادة في الهيكل … وداعاً للحياة كما كان يعرفها الناس – ولكن: الموت لا يحظى بالكلمة الأخيرة. فإن الله يستطيع أن يعطي حياة جديدة – لا تشبه ضيق رؤيتنا – حتى و ان أصبحنا كمثل عظام جافة و مبعثرة. تمامًا كما أتمت كلمة الله الخلق في الأرض الخربة عند التكوين ، فإن كلمة الله الآن تعيد خلق وتوحيد ما هو مشتت وبلا حياة من جديد.
والنبي الذي كان شاهدًا صامتًا أو مجرد متلقٍ للرسالة و موصي بها : ها هو مدعو للتنبؤ على العظام مما يحييها. إن طاعته لكلمة الله – التي تتناقض مع عصيان الشعب – هي التي تعمل كمحفز لمعجزة الحياة الجديدة.
اليوم، مقابل أنبياء الموت كل مؤمن ونبي حق مدعو إلى التبشير بالرجاء في ظروف ميئوساً منها. علينا ان نذكر ان التغلب على هكذا أزمات لا يعتمد – حصريًا- على حلول بشرية ، سواء كانت شخصية أو جماعية ، بل على نعمة الله. ولكن علينا أن نعي أيضاً أن الهدف سيظل بعيد المنال بدون مساهمة بشرية. هكذا أراد الله : نعمته و مساهمتنا !!!
“ستكون لكم الحياة”:
إنه الوعد يحثنا أن نتبنى أملًا لا تفاؤلاً ؛ هذا النوع من الرجاء يبدأ حين يموت كل رجاء وييبس. وفي النبوة الحقة لا مكان لمجرد الإحساس بالإيجابية والشعور الزائف بالأمان … بل هي الدعوة الى الرجاء الواثق بوعد الله ولهذا يرتبط الإيمان والرجاء ارتباطًا وثيقًا!
الرجاء بالله يتصل بالصورة الكبيرة. لقد عانى جيل حزقيال من الخسارة والمعاناة والنفي، وعلى الأرجح مات كثيرون في أرض غريبة. ومع ذلك ، فإن رجاءهم ليس بلا جدوى … علّنا لا ننسى أبدًا أن الله لم يعدنا أبدًا بإعفائنا من الألم وبحصانة من المرض أو بهروب من الموت. لكن وعدنا بالفداء حيث تتحول صلباننا الى جسور صوب الحياة الأبدية و موتنا ستهزمه القيامة. بيننا من يمرض و يفقد حياته … فهل إنتهى أمر هؤلاء الأحباء؟
يذكرنا حزقيال النبي بأن الرجاء الحقيقي يعتمد على الله الذي يفدينا و حتى بعد موت يُحينا… سيكشف موت المسيح وقيامته عن نفس الشيء: الفداء وليس عدم المرور بالفناء… ثم ها هي – من جديد – نسمة الحياة!
اليوم – على الرغم من وحشية ظروف عصرنا و في ظل الموت الذي يثقل على بشريتنا : نفسياً و حياتياً، إجتماعياً ، إقتصادياً و حتى جسدياً – علّنا نؤمن أن تجربة الخسارة والهزيمة ليست لها الكلمة الأخيرة ، فها الله يحيي العظام الرميمة !!!