أفاد الأب عمّار ياكو الكاهن العراقيّ، الذي شهد الحرب والنزوح، وقد شكره البابا أثناء زيارته إلى الجماعة الكاثوليكية في قره قوش، في 7 آذار 2021، وأكّد في خطابه: “عندما تذكّر فظائع الإرهاب والحرب، شكر الربّ الذي لطالما دعمكم في الأوقات الصعبة والجميلة، في الصحة والمرض. يولد الامتنان وينمو عندما نتذكّر عطايا ووعود الله”.
أشار البابا إلى موجة الإرهاب التي اجتاحت العراق: “عاصفة غير إنسانية، دمّرت أماكن العبادة القديمة وقُضي على الآلاف من الأشخاص، من مسلمين ومسيحيين ويزيديين، ونزحوا قسريًا أو قُتلوا”.
ننقل إليكم الشهادة التي ألقاها الكاهن العراقيّ:
“اسمي أبونا عمّار، أصبحت كاهنًا في 29 حزيران 2001، وفي هذا اليوم طلبت من الربّ أن يساعدني لى عيش كلمته”.
لم يكن هذا الدرب سهلاً في هذا الوقت من الحروب، لأننا بعد عامين فقط دخلنا في سلسلة من الصراعات: الحرب في العراق الذي سقط فيه النظام، ثم الهجمات الإرهابية والصراعات الداخلية التي تستمرّ حتى اليوم. لطالما كان الربّ قوّتي وساعدني على عيش الكلمة في سيامتي الكهنوتية بالكثير من الفرح في هذه السنوات العشرين، إنما ليس لمجدي أنا بل لمجد اسمه القدّوس.
أتذكّر كيف أنقذني مرّتين، لأني وصلتُ إلى الموت بينما كنت أحتفل بالقداس الإلهي في زاخو، مرورًا بالموصل، على بعد أمتار من انفجار سيارة مفخخة. والمرة الثانية، عندما كنت وسط إطلاق نار.
وفي لحظة أخرى من حياتي الكهنوتية كانت ليلة النزوح في العام 2014، التي فيها اقترب إرهابيو داعش من بارتيلا، المدينة التي كنت أخدم فيها. كنتُ أملك في قلبي قوّة، دفعني الرب أن أساعد الذين أرادوا أن يغادروا المدينة، والبقاء لمدّة ساعات قبل دخول االإرهابيين. أنقذنا الربّ واستطعنا الهروب من هناك.
منذ تلك اللحظة، واجهنا اختبارًا صعبًا وقاسيًا: عشنا على الطرقات والساحات والحدائق العامة من دون مأوى أو طعام، ولا يوجد وقت كافٍ الآن للتعبير عن كلّ ما مررنا به في خلال السنوات الثلاث كنازحين. أريد أن أقول أنّه بقوّة الله، وبخدمتنا الكهنوتية “معًا نحن كهنة”، استطعنا مساعدة العائلات، وأن نكون بالقرب منها، وتوزيع الطعام والملابس وغيرها من المساعدات. لم تكن السنوات الثلاث التي عشناها “سنوات ملعونة” بل سنوات من البركة من الربّ.
ثمّ أظهر لنا الربّ مجده بعد تحرير مدننا وقرانا. كلّ شيء تمّ تدميره بالكامل: تمّ إحراق الكنائس وآلاف البيوت، ونهبها وتدمير كلّ ما تحتويه. إنما الربّ لم يتركنا، بل على العكس، كان ذلك أعجوبة أن نعيد الحياة إلى هذه المدينة؛ وها نحن اليوم في مدينتنا العزيزة في بغديدا (قره قش).
يا لها من فرحة أن نرى قداستكم بيننا! من كان يظن أنه في يوم من الأيام سنراكم، أيها الأب الأقدس، في هذا البلد الصغير، حتى لو في أحلامنا؟ أيها الأب الأقدس، أشكركم على وجودكم معنا، لتظهر اليوم مجد ربنا في الكنيسة والعالم أجمع. باركنا، احملنا في قلبك!