حذّر بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس الأوّل من الوطنيّة مؤكِّداً أنّ “دخول الوطنيّة إلى الكنيسة يؤدّي إلى الابتعاد عن كاثوليكية الكنيسة ومحو مبدأ السينودسيّة”، ضمن مقابلة أجرتها 3 جرائد أوروبية مسيحيّة (جريدة مؤتمر أساقفة إيطاليا Avvenire وجريدتَين بروتستانتيّتَين Nederlands Dagblad وKristeligt Dagblad) مع بطريرك الأرثوذكس، فيما نشرت Avvenire النصّ الكامل للمقابلة في 13 شباط 2021، كما كتبت الزميلة مارينا دروجينينا من القسم الفرنسي، مع الإشارة إلى أنّنا كنّا قد نشرنا يوم الجمعة 12 آذار القسم الأوّل من المقابلة.
وقد لفت البطريرك الانتباه إلى أنّه “لا يمكن تصوّر إعلان الأمّة كعامِل مصيريّ للحياة الكنسيّة، ولا يمكن أن تلفظ الكنيسة خطابات عرقيّة وأن تكون حليفة التيّارات السياسيّة الوطنيّة وأن تُضحّي بالنظام الكنسيّ باسم الأمّة”.
وبحسب البطريرك المسكوني، “من المستحيل أن يكون الإيمان الأرثوذكسيّ الحقيقيّ مصدر الوطنيّة”.
وفي المقابلة، توقّف البطريرك أيضاً عند مسألة السينودسيّة قائلاً: “البُنية السينودسيّة للكنيسة، أي الفهم والتطبيق في ممارسة مبدأ السينودسيّة هي بغاية الأهمية في الغزو اللاهوتي. والمظهر الأساسيّ للسينودسية هو الصلة الجوهريّة مع عِلم الكنيسة الإفخارستي”.
فيما يتعلّق بدَور بطريركية القسطنطينية، شرح برتلماوس أنّه “مُحدَّد في القوانين وقد تمّت ممارسته حتّى اليوم ضمن إطاره بدون أيّ تخطّ”.
صِلات أخويّة مع البابا فرنسيس
أشار برتلماوس الأوّل إلى أنّه يتشاطر علاقات جيّدة جدّاً مع البابا فرنسيس: “أنا على صلة أخويّة بقداسته. التقينا حوالى عشر مرّات. ولدينا الكثير من الاهتمامات المشتركة، مع حساسية ونوايا مشتركة حيال المسائل الاجتماعيّة كحماية إخوتنا الذين هم في العوز أو اللاجئين، بالإضافة إلى تعزيز السلام والمصالحة، الحوار بين الأديان وحماية الخليقة”.
وحدّد البطريرك أنّ “مسألة الطريق نحو الوحدة وتقدّم الحوار اللاهوتي يبقيان مهمَّين في العلاقات. الثقة المتبادلة بين البابا وبيني، والإرادة المشتركة في تخطّي العقبات وتسريع بلوغ الوحدة المرغوب فيها واللّقاءات الشخصيّة والإعلانات المشتركة هي مساهمات ثمينة لتطوّر العلاقات بين كنائسنا”.
لا انشقاق في الأرثوذكسيّة
منذ الاعتراف باستقلال كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية، أصبحت التوتّرات بين بطريركية موسكو وبطريركية القسطنطينية كبيرة. إلّا أنّ بطريرك القسطنطينية المسكوني يؤكّد أنّ الأمر لا يتعلّق بانشقاق في الكنيسة الأرثوذكسيّة.
“لا انشقاق في الأرثوذكسية. قلتُ ذلك وأكرّره الآن. هناك رؤية مختلفة للكنيسة الروسيّة حول المسألة الأوكرانية، وقد ظهرت عبر توقّف الشراكة بين كنيسة القسطنطينية الأمّ ثمّ مع الكنائس الأخرى المستقلّة التي وافقت على قرار البطريركية المسكونية، القاضي بمنح الاستقلاليّة لكنيسة أوكرانيا”.
وتابع قائلاً: “على الرغم من المشاكل التي تظهر بين كنائسها المحلّية المستقلّة، وعلى الرغم من المقاربات المختلفة حيال المسائل الإداريّة، إنّ الأرثوذكسيّة تبقى موحّدة لأنّه لا وجود للاختلافات العقائديّة”.
في المسألة الأوكرانية، شرح البطريرك قائلاً: “لقد فعلنا الشيء نفسه كما في حالات الاستقلالية الأخرى… لقد تبعنا تقليد الأرثوذكسيّة الذي أسّسته الممارسة الكنسيّة العِلمانيّة”. وذكّر برتلماوس الأوّل أنّه “قبل أوكرانيا، كانت القسطنطينية قد منحت الاستقلالية لتسع كنائس محلية أخرى. ومَن يُشكّكون في حقوق البطريركية المسكونية ومسؤوليّاتها، إنّما يشكّكون أساساً في وجودهم وهويّتهم، وفي بُنية الأرثوذكسيّة… لطالما ناضلت البطريركية المسكونية، في إطار مسؤوليّاتها، للحفاظ على وحدة الأرثوذكس”.
ثمّ ذكّر البطريرك أنّ “موسكو، وطوال 3 عقود، كانت عمياء ظاهريّاً أمام الوضع الكنسيّ للبلد. وهكذا، كان منح الاستقلاليّة لكنيسة أوكرانيا مِن قبل البطريركية المسكونية الحلّ الوحيد الواقعيّ للمشكلة، عدا عن كونه الحلّ الكنسيّ الصحيح”.