في الطقس البيزنطي، يوم عيد البشارة بالحبَل الإلهي، تُنشَد طروبارية البشارة باللحن الرابع:
«اليومَ رأسُ خلاصِنا. وإعلانُ السِّرِّ الذي مُنذُ الدُّهور. فإنَّ ابنَ اللهِ يصيرُ ابنَ البتول. وجبرائيلَ بالنعمةِ يُبشّر. لذلكَ نحنُ معهُ فلنهتِفْ نحوَ والدةِ الإله. افرحي أيّتها المُمتلئةُ نعمةً الرّبُ معكِ.» فما هي المعاني والتعاليم التي تحملها هذه الصلاة؟
– اليوم رأس خلاصنا: فالرأس هو البداية، هو الإنطلاق، هو العبارة اليونانية: Ἐν ἀρχῇ التي تعني بداية كل شيء… ففي يوم البشارة بداية خلاصنا بيسوع المسيح… كيف ذلك؟
– وإعلانُ السِّرِّ الذي مُنذُ الدُّهور: في هذا اليوم، يوم البشارة، أُعلن السر كما قال بولس الرسول: «وهو أنّ بِوَحيٍ أُطلعتُ على السر… هٰذا السّرّ الّذي لم يُعرف عندَ بني البشر في الأجيالِ الغابرة» (أفسس ٣: ٣ و٥)… هذا السر هو أن جميع البشر، من آدم حتى اليوم، هم شركاء في الخلاص الذي أعدّه الله الآب بابنه يسوع المسيح…
– فإنَّ ابنَ اللهِ يصيرُ ابنَ البتول: يا لهذا السرّ العظيم! كيف للذي خرج من الآب منذ الأزل أن يكون في أحشاء البتول مريم؟ كيف ليسوع الحياة أن يأخذ الجسد البشري الذي يكسره الموت؟ يقول القديس أفرام السرياني في أحد أناشيده: «القبر المختوم خرج منه حَيَّا خلافًا للطبيعة، والحشا المختوم خرجت منه الحياة خلافًا للطبيعة»… فالسر هو ما لا يمكن أن ننتهي من فهمه لو مهما تأملنا به… وهذا السر هو الذي لا يمكن أن ننتهي من فهمه: ابن الله الحي الذي لا يموت يصير ابن البتول التي لم تعرف رجلا… نحن البشر الذين نخاف الموت عدوّنا، نلنا الحياة عندما أصبح يسوع الحياة ابن البتول وتألم ومات وقُبر وخرج من القبر مُنتصرًا… نحن البشر نحكم على ذواتنا وعلى بعضنا بالموت، والله بتجسد ابنه يحكم على بشريتنا الضعيفة بالحياة، يخلقها من جديد، يجعلها كما في البدء…
– وجبرائيلَ بالنعمةِ يُبشّر. لذلكَ نحنُ معهُ فلنهتِفْ نحوَ والدةِ الإله. افرحي أيّتها المُمتلئةُ نعمةً الرّبُ معكِ: نعمة الحياة هذه يبشر بها جبرائل الملاك، نعمة الحياة هذه صارت في أحشاء البتول، نعمة الإنتصار على الموت ستظهر علينا من الطاهرة، الخلاص المجاني سيُشرق في ظلمة قلوبنا وقبورنا من حشا التي لم تعرف رجلا… فلا يُمكن أن نقول لوالدة الإله، البتول الطاهرة، النقية، إلا «افرحي أيّتها المُمتلئةُ نعمةً الرّبُ معكِ»…
كل عيد وأنتم بخير