قد تسأل أيها القارئ: كيف لخوري أن يكتب هكذا عنوان؟
الجواب يبدأ بتحديد ماهية الطائفة: في المعجم تعني الكلمة “وحدة تصنيفية”، اي على أساسها يُصنّف الفرد حسب قواعد معينة… إذا، الطائفة هي جماعة ذات أهداف سياسية تتستّر بالدين، تصنف الناس وتميز بينهم، وتحاول أن تزاحم باقي الطوائف بالسياسة، وتُماشي وتُناقض المصالح، على إيقاع ما يُمكن “انتزاعه” من الآخر -حتى بالزور والبهتان- تحت ستار “الحقوق”. فتتحكم الطائفة برقاب المنتمين إليها، تُسَطّح تفكيرهم، تقونن السنتهم، تُمنهج فكرهم، وتضعهم في عداءٍ مع كل من يريد لطائفة أخرى ما هي تريده لنفسها.
لذلك: أنا لا أنتمي للطائفة المارونية، بل للكنيسة المارونية التي رأسها المسيح، وشفيعها القديس مارون، وقديسوها من فضلوا العيش في قساوة وادي قنوبين بحثًا عن الحرية والكرامة، ورأسها البطريرك. إذا، أنا أنتمي للكنيسة التي فيها مبدأ واضح: “لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (غلاطية٣: ٢٨)…
من هنا، لن يستقيم الوطن، ولن يكون فيه سيادة حقيقية، ولن يزول منه الفساد، ولن تختفي منه الزبائنية، طالما أنّ هناك طوائف أصبحت أقرب إلى القبائل، تُنَمّي في الناس “غريزة القطيع”، وتتنازع مع بعضها البعض على قطعة الجبنة التي لما كانت كبيرة، أشبعت وأسكتت الجميع، ولمّا صَغُرَت، زادت الجميع نَهَمًا وشراسة.
لن يستقيم الوطن، طالما أن هذه الطوائف استلمت أحوال الناس الشخصية، فحوّلتها من جماعة مواطنين إلى رعايا من المتعادين… نحن بحاجة إلى قانون واحد يساوي أمامه الجميع!
لن تقوم دولة ذات سيادة بهكذا أسلوب… حتى أبسط القوانين لن تستطيع تطبيقها، وخط الدفاع الأول يُبنى على سؤال: “علينا بتزبط بس عليهن لا!”… فتصمت الدولة ويُسكَت الحق ويُعلَى الباطل اجتنابًا للنعرة…
لن يستقيم الوطن ولن يعطي لمواطنيه حقوقهم، طالما أن موارد الدولة تتغطّى تحت ملالي الطوائف، لتصبح بتصرف مَن يُعطيها لأصحابها ليُمجّد اسمه الشخصي… حتى الله الذي باسمه تنادي هذه الطوائف، هو بحاجة لها للدفاع عنه! يا لها من فرصة لفرض السيطرة، ويا لها من مهزلة، سببت لبلادنا حربًا كل عشرون عام، منذ سنة ١٨٤٠!
الفخاخ العقليّة تتحكم برأي الجميع! حتّى العدالة تبقى نسبية في هكذا وضع لا يمكن وصفه إلا بكلمة واحدة: “سُمٌّ قاتل”… خذوا الطائفة! لا يشرفني الإنتماء إليها! أنا أنتمي للكنيسة، وأريد الإنتماء لوطن تُحترم فيه كرامة الإنسان، تُحترم فيه إرادة الحياة، تُثَمّن فيه الحرية الإنسانية المطلقة… كريمًا عزيزًا حُرًّا: هكذا خلقني الله، وهكذا اريد أن أعيش، ولتذهب الطوائف إلى الجحيم!