Monde du travail, Gênes, 27 mai 2017 © L'Osservatore Romano

استغلال العمّال: ما كان جواب البابا؟

تحقيق إيطاليّ حول مطبعة

Share this Entry

“أعتقد أنّ نشر كتابات جميلة وبنّاءة عبر خلق جورٍ هو بحدّ ذاته ظالم. وبالنسبة إلى المسيحيّ، إنّ أيّ نوع مِن الاستغلال هو خطيئة”: كان هذا محتوى جواب البابا فرنسيس على الرسالة المفتوحة التي وجّهها له الكاتب الإيطالي ماوريزيو ماجياني في جريدة جنوى Secolo XIX بتاريخ الأوّل من آب 2021، كما كتبت الزميلة أنيتا بوردان.

في الواقع، شمل تحقيق قضائيّ مطبعة Grafica Veneta المشهورة، كاشِفاً الاستغلال المزعوم لعمّال أجانب (باكستانيّين) وظّفتهم شركة تُؤمّن اليد العاملة لبعض شركات شمال إيطاليا: كانوا مُجبَرين على العمل حتّى 12 ساعة في اليوم، وإعطاء جزء من أجرهم للشركة التي وظّفتهم، ثمّ دفع إيجار سريرهم في بيئة مكتظّة. إلّا أنّه بحسب محاكم بادوفا، كانت المطبعة على عِلم بهذه الممارسات، وقد أجرى مديران التحقيقات، لكنّ الرئيس فابيو فرانشيسكيني ردّ الاتّهامات.

لذا تساءل ماوريزيو ماجياني، عبر توجيهه سؤالاً للبابا، “إن كان الأمر يستحقّ العناء أن نكتب قصصاً بنوايا نُريدها مُحمّلة بالجمال، إن كُنّا بحاجة إلى عمل عبيد لتقديم هذه القصص للقارىء لاحقاً”.

أمّا جواب البابا فرنسيس على ماجياني فقد أتى ضمن رسالة شخصيّة نُشِرَت في جريدة La Stampa بتاريخ 11 آب: “لقد أثار كلامك اهتمامي. فأنت لا تطرح سؤالاً لا فائدة منه، لأنّ الأمر يتعلّق بكرامة البشر، تلك الكرامة التي غالباً ما يدوسها اليوم بسهولة العمل بالسخرة”.

وقد أنعش البابا نداء ماجياني متسائلاً بدوره: “ماذا يمكنني أن أفعل؟” مُشيراً إلى أنّ “التخلّي عن النشر والتخلّي عن جمال نصّ أدبيّ سيكون تقاعداً غير عادل، فيما القلم أو لوحة مفاتيح الكمبيوتر يقدّمان لنا إمكانيّة أخرى: الشجب أو كتابة أشياء غير مُريحة لهزّ اللامبالاة، لتحريك الضمائر وإزعاجها كي لا تبقى مُبنّجة بجملة هذا لا يعنيني؛ هذا ليس من شأني؛ ماذا يمكنني أن أفعل إن كان العالم يسير هكذا؟

إذاً، طالب الأب الأقدس بإيصال الصوت “كي لا تخضع الثقافة للسوق التي يُسيطر عليها المال والمصلحة”. وأوصى البابا بشجب “آليّات الموت وبُنى الخطيئة”.

كما وكان للحبر الأعظم جواب ثانٍ: “إن وجب الأمر، فلنكن مدعوّين لشجاعة التراجع: ليس عن الأدب والثقافة، بل عن العادات والمصالح التي نكتشف أنّها مُتّصلة اليوم بآليّات استغلال منحرفة، وهي تُشكّل اعتداء على كرامة إخوتنا وأخواتنا. إنّها إشارة قويّة لوجوب التخلّي عن المراتب والراحة للإفساح بالمجال أمام مَن ليس لديهم مكان. قولوا لا لأجل نَعَم أكبر”.

ثمّ دعا البابا للشهادة إلى أنّ “الاقتصاد المختلف على القياس البشريّ ممكن” في إطار مبادرته “اقتصاد فرنسيس” التي تضمّ آلاف الشباب العاملين في مجالات الاقتصاد والمال والأعمال.

Share this Entry

ندى بطرس

مترجمة في القسم العربي في وكالة زينيت، حائزة على شهادة في اللغات، وماجستير في الترجمة من جامعة الروح القدس، الكسليك. مترجمة محلّفة لدى المحاكم

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير