CC0 Public Domain-Pixabay

الزعيم… غريزة ترفض الله

اللّبيب من الإشارة يفهم

Share this Entry

عندما شاخ صموئيل النبي وكان لديه أبناء يعيشون على خلاف كلمة الله، بدأ الشعب يطالبه بملك… لماذا؟ لأن ذلك الشعب شاهد ملوك الأمم الوثنية، وفهم أن غنى تلك الأمم هي بفضل ملوكهم… لقد نسي الشعب فضل الله عليه، ونسي دعوته للحريّة وطالب بملك…

ذهب صموئيل حزينًا، «فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: «اسْمَعْ لِصَوْتِ الشَّعْبِ فِي كُلِّ مَا يَقُولُونَ لَكَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَرْفُضُوكَ أَنْتَ بَلْ إِيَّايَ رَفَضُوا حَتَّى لاَ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ. حَسَبَ كُلِّ أَعْمَالِهِمِ الَّتِي عَمِلُوا مِنْ يَوْمِ أَصْعَدْتُهُمْ مِنْ مِصْرَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ وَتَرَكُونِي وَعَبَدُوا آلِهَةً أُخْرَى، هكَذَا هُمْ عَامِلُونَ بِكَ أَيْضًا. فَالآنَ اسْمَعْ لِصَوْتِهِمْ. وَلكِنْ أَشْهِدَنَّ عَلَيْهِمْ وَأَخْبِرْهُمْ بِقَضَاءِ الْمَلِكِ الَّذِي يَمْلِكُ عَلَيْهِمْ».

فَكَلَّمَ صَمُوئِيلُ الشَّعْبَ الَّذِينَ طَلَبُوا مِنْهُ مَلِكًا بِجَمِيعِ كَلاَمِ الرَّبِّ، وَقَالَ: «هذَا يَكُونُ قَضَاءُ الْمَلِكِ الَّذِي يَمْلِكُ عَلَيْكُمْ: يَأْخُذُ بَنِيكُمْ وَيَجْعَلُهُمْ لِنَفْسِهِ، لِمَرَاكِبِهِ وَفُرْسَانِهِ، فَيَرْكُضُونَ أَمَامَ مَرَاكِبِهِ. وَيَجْعَلُ لِنَفْسِهِ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ خَمَاسِينَ، فَيَحْرُثُونَ حَرَاثَتَهُ وَيَحْصُدُونَ حَصَادَهُ، وَيَعْمَلُونَ عُدَّةَ حَرْبِهِ وَأَدَوَاتِ مَرَاكِبِهِ. وَيَأْخُذُ بَنَاتِكُمْ عَطَّارَاتٍ وَطَبَّاخَاتٍ وَخَبَّازَاتٍ. وَيَأْخُذُ حُقُولَكُمْ وَكُرُومَكُمْ وَزَيْتُونَكُمْ، أَجْوَدَهَا وَيُعْطِيهَا لِعَبِيدِهِ. وَيُعَشِّرُ زُرُوعَكُمْ وَكُرُومَكُمْ، وَيُعْطِي لِخِصْيَانِهِ وَعَبِيدِهِ. وَيَأْخُذُ عَبِيدَكُمْ وَجَوَارِيَكُمْ وَشُبَّانَكُمُ الْحِسَانَ وَحَمِيرَكُمْ وَيَسْتَعْمِلُهُمْ لِشُغْلِهِ. وَيُعَشِّرُ غَنَمَكُمْ وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لَهُ عَبِيدًا. فَتَصْرُخُونَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنْ وَجْهِ مَلِكِكُمُ الَّذِي اخْتَرْتُمُوهُ لأَنْفُسِكُمْ، فَلاَ يَسْتَجِيبُ لَكُمُ الرَّبُّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ».

فَأَبَى الشَّعْبُ أَنْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ صَمُوئِيلَ، وَقَالُوا: «لاَ بَلْ يَكُونُ عَلَيْنَا مَلِكٌ، فَنَكُونُ نَحْنُ أَيْضًا مِثْلَ سَائِرِ الشُّعُوبِ، وَيَقْضِي لَنَا مَلِكُنَا وَيَخْرُجُ أَمَامَنَا وَيُحَارِبُ حُرُوبَنَا». (١صموئيل٨: ٧-٢٠)…

لقد اختار الشعب شاول ملكًا… وكان طويل القامة صلبا قويَّا… ولكنه نسي الله فتركه صموئيل وحيدًا ضعيفًا ذليلا يبحث عن العرافين الوثنيين ليقولوا له ما هو طالعه وحظه…

وهكذا هو الوضع اليوم:

– عندما نتصرف كما تصرف الشعب مع صموئيل: لا يأتي أشخاص يعملون لصالح الناس، إنما يأتي «زعيم» يخنق الناس بحاجته إلى الهيمنة، ويختبئ وراء حقوق الشعب، يُقنعهم بأنه لهم وهو في الواقع ضدهم… فهو لن يأكل ولن يُربّي أبنائه ولن يسكن في قصره إلا على جوع الناس وتقويض حريّتهم وإيهامهم بأنه الوحيد القادر على حمايتهم…

– عندما لا نقبل إلا بالله ملكًا علينا: يأتي السياسي خادمًا للناس، عالمًا بأنهم يُثَمّنون الحرية والكرامة، فيخاف من غضبهم عليه إن استغلهم، وهو عالم أنهم لا يعبدونه بل يعبدون الله…

وها هو التنبيه على لسان صموئيل: «فَتَصْرُخُونَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنْ وَجْهِ مَلِكِكُمُ الَّذِي اخْتَرْتُمُوهُ لأَنْفُسِكُمْ، فَلاَ يَسْتَجِيبُ لَكُمُ الرَّبُّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ»… فهل من لبيبٍ من إشارة يفهم؟!

Share this Entry

الخوري يوحنا فؤاد فهد

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير