يعود بنا التاريخ إلى القديس فرنسيس، وهو أول شخص قام بعمل مغارة حقيقة مجسّدة من البشر للطفل يسوع في العالم تجسد حدث الميلاد. وكانت لديه روح التمييز وروح النبوة، وروح التجديد وعندما أراد أن يحتفل بعيد الميلاد خارج عن المألوف والواقع والتقاليد احتفل بعيد الميلاد في إسطبل بين المواشي وهذا ما تدعونا إليه الكنيسة السينودسية، بأن نخرج من ذواتنا ونرى ما هو صالح وما هو مفيد لحياتنا الروحية.
ينطلق القديس فرنسيس نحو المغارة لكي يرى الطفل يسوع في هذا السر العظيم سر التجسد، حب الله للبشرية وتواضع أبن الله الذي أخذ جسدنا. فيقول في التوصيات” فها هوذا يتواضع كل يوم مثلما فعل لما أتى من العروش الملكية، إلى حشا العذراء”.
وهذا هو أول مثل تقتدي به الكنيسة السينودسية أن تخرج وتعمل خارج عن المألوف كما فعل ابن اله آخذًا جسدنا وأيضا في حياته الأرضيّة عندما كان يجتمع مع الشعب كانت كل الأطياف تكون أمامه هكذا الكنيسة عليها أن تكون مثل مؤسسها تجمع كل الفئات وتعتبر الكنيسة هي مستشفى، وكما حدث في سر التجسد الذي شمل كل البشرية. تتميز الكنيسة السينودسية بروح الشركة هكذا فعل القديس فرنسيس بروح الشركة قد جعل من مغارة جريتشو شركة في العمل والتسبيح والصلوات والأناشيد لطفل المغارة. القديس فرنسيس ينطلق بخبرة جديدة نابعة من صلاته وإيمانه نحو سر التجسد ويرشد المؤمنين في رسالته يقول: ونحن له أمهات عندما نحمله في قلوبنا وفي جسدنا بحب إلهي وبضمير نقي وصادق وعندما نلده بالعمل المقدس الذي ينبغي أن يتلألأ قدوة للآخرين. وهذا هو دور الكنيسة السينودسية التي تلدُه بالأعمال الصالحة لكي يتلألأ ونحمله للآخرين فالكنيسة على مثال مريم العذراء التي استلمت البشارة وقامت ُمسرعة إلى اليصابات. تدعونا العذراء مريم أن نكون على مثالها في الترك والحركة نحو الآخر في عمل الخير وهذه مسيرة الكنيسة في الحركة نحو الأمام والتقدم والتغيير لكي تقدم رسالة يسوع للمجتمع وللبشرية.
والمسيرة السينودسية هي مسيرة كل شخص وعليه التقدم إلى الأمام نحو طفل المغارة لكي يشاهد ابن الله في المذود. تنطلق الكنيسة السينودسية من سر التجسد لتدعونا إلى الوحدة والشركة والأخوّة وهذا ما جسّده القديس فرنسيس في عمل المغارة ونشيد المخلوقات. يدعونا القديس فرنسيس إلى الاقتداء بتواضع ربنا يسوع المسيح وبفقره ويكتب لنا في القانون الفصل الأوّل: “إنّ قانون الإخوة الأصاغر وحياتهم هو حفظ إنجيل ربنا يسوع المسيح والعيش في الطاعة ومن دون امتلاك أي شيء وفى العفة”. وأيضًا في رسالته إلى كل الرهبنة يقول: “يا للعلو العجيب والمكانة المذهلة يا للتواضع السامي و يا للسمو المتواضع أن يتضع رب الكون، أبن الله بحيث يتوارى من أجل خلاصنا تحت شكل الخبز البسيط”.
لقد فهم القديس فرنسيس هذه الشركة مع البشرية والخليقة وعلى الكنيسة أن تشارك هذا العمل الخلاصي وتحمل رسالة الله من خلال كل إنسان معمد. فالقديس فرنسيس يعيش خبرة مغارة بيت لحم بعمل الواقع حيث أحتفل بابن الله وجلب الفرح وجعل الليل كالنهار، وعندما كان يقرأ إنجيل ربنا يسوع ويرتله بصوت رخيم وكلما ورد على لسانه اسم يسوع المسيح تملكه حرارة سماوية وعندما يلفظ اسم بيت لحم كان يرخم صوته ويعطيه نبرة مملوءة بالحنان ويسمعه وكأنه ثقاء الغنم وكل مرة يلفظ اسم طفل المغارة أو كلمة يسوع يمر لسانه على شفته كمن يتذوّق عذوبة تلك الكلمات. يستخدم القديس فرنسيس مصطلح الفقر المقدس (أي أخلى ذاته على حسب قول القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل فيلبي )2 :7 ، وهذا ما فعله السيد المسيح الذي تنازل من السماء وأخذ جسدنا. تتمثل الكنيسة السينودسية بالابن الوحيد الذي خرج من حضن الآب بمحبته للبشر لكي ينقذ الإنسان فالكنيسة تخرج إلى الطرق وتبحث عن الخروف الضال. ومن أهداف الكنيسة السينودسية هي شركة ورسالة. أراد البابا القّديس بولس السادس أن يعطينا مضمون هاتين الكلمتين الشركة والرسالة “هي الخطوط الأساسية التي أعلنها المجمع وأكّد، في ذكرى الافتتاح، أنّ الخطوط العامة كانت ”الشركة، أي التّماسك والكمال الداخلي، في النّعمة، والحقيقة، والتّعاون والرسالة، أي الالتزام الرسولي تجاه العالم المعاصر”. فالكنيسة تقتدي بسر الثالوث الأقدس هو سر الشركة في الداخل ومصدر الرسالة نحو الخارج، لنسير معًا لكي نصل إلى المغارة ونرى عمل الله الخلاصيّ. نرى خبرة القديس فرنسيس في تأمله في سرّ التجسد له طابع خاص. ولكن لا يجب أن ننسى أنّ فكر القديس إفرام السرياني في كتاباته عن الميلاد وقد أثّر في فكر القديس فرنسيس، فالقديس افرام السرياني في كلماته عن حدث وفي ميلاد الابن، صارت ضجّة ٌ عظيمةٌ، في بيت لحم . فقد نزل الملائكة… وسبحوا هناك فكانت أصواتُهم… رعدًا عظيمًا وعلى صوت ذلك التسبيح… أتى الصامتون وسبحوا الابن. تبارك الطفُل الذي به تجدّد شباب آدم وحواء. أتى الرعاةُ حاملين خيرا ت الغنم.. حليبًا لذيذًا، لحمًا نقيًا: تسبيحًا بهيًا… تذوقوا فأعطوا يوسف لحما، لمريم حليبًا، وللابن تسبيحًا. حملوا فقرّبوا حملاً رضيعًا لحمل الفصح، بكرًا للبكر، ذبيحة للذبيحة. حمل الزمان… حمل الحقّ. يا لروعة جمال المشهد”. هذا ما جسّده القديس فرنسيس في عمل مغارة جريتشو.
سرّ التجسد يدعونا إلى الانفتاح على الآخر والتقدّم نحوه هذا ما فعله القديس فرنسيس مع السلطان الملك الكامل في دمياط وبعد عودته من الشرق، قام بعمل مغارة جريتشو التي تمثّل مغارة بيت لحم، ويجسّد عمل الله. وخروج وتنازل ابن الله نحو البشريّة. يقول البابا بندكتس السادس عشر: “كوننا مسيحيين يعني ألاّ ننغلق على ذاتنا إنما ننفتح على الآخر. وتدعونا السينودسية لمسيرة الانفتاح والشجاعة كما فعل ابن الله المتجسّد. كلّ عام وحضراتكم بخير ونعمة الميلاد تحفظنا جميعًا.