راجمو اسطفانوس: مُتَدَيّنون دفاعًا عن إيمانٍ… بلا إيمان

بين التَّديّن والإيمان

Share this Entry
بين التَّديّن والإيمان، الفرق شاسع:
– فالتّدَيُّن هو الإلتزام الدقيق والغير منطقي بمجموعة من القواعد والممارسات التي يعتبرها من يمارسها طريقًا نحو الهدف الذي يريده من الله (الثواب)، فيضع العقاب نُصبَ عينيه ليعمل بواسطة الشعائر على نيل الثواب.
– أمّا الإيمان فهو الثقة الكاملة بعطية الله، وبمحبته للبشر… فبالإيمان، تأتي الشعائر الدينية كجواب على حب وعطية الله…
أمام هذا الشرح المقتضب للفرق بين الإيمان والتّدَيّن نطرح السؤالين التاليين:
– ما هي مفاعيل كل منهما على حياة الإنسان؟
– ما هو تفسير ما يجري اليوم على ساحتنا المسيحية؟
إنّ المتديّن يبحث عمّا يُريحه: يتمسك بمجموعة ممارسات في بعضها التخلي عن أمور حياتية أساسية، وفي بعضها الآخر شعائر دينيّة (صلوات، فروض، تساعيات، أصوام…). هذه الأمور يعتقد أنّه، من خلال التقيّد الدّقيق بها، يمكنه أن يكون من أهل الثواب. وهنا يكمن الخطر: مع تكرار الممارسة التقَويّة يقتنع -حتى قبل وفاته- أنّه من أهل الثواب، وبالتالي، كل من لا يطبق الشعائر التي يطبقها هو، وبالطريقة التي وصفها له كاهن “قديس”، أو “رائي”، أو “مرجع روحي” خاص، هو من أهل العقاب! فما هو موقف المتديّن من الآخرين؟ طبعا، يتدرج الموقف من الإبتعاد التدريجي عن محيطه، إلى رفض الآخر، إلى دينونة الآخر، وصولا إلى تكفيره ومواجهته بشتّى الطرق (حتى العنف) للوصول إلى الجو المُريح: كل شيء على ما يُرام… لقد انتصرنا لله! هكذا هم راجمو اسطفانس! إذا فالمُتَدَيّن يتمسّك بالشعائر فتصبح هي إيمانه (وليس الله)، فينكر الذي لا يقاسمه هذه الشعائر، ويلغي كل مَن يخالفه… فالمتديّن يعرف كثيرًا عن حقائق الدّين، ولكن، لا يحيا هذه الحقائق إلا بالطريقة التي تريح عقله، وتسكت قلقه.
أمّا المؤمن فهو القلق الدائم، الباحث الدائم عن الله، العامل الدائم لخلاصه… هو الذي لا يقبل بأن تُحد ديانته بمجموعة شعائر جامدة، فهو المدرِك الدائم لحقيقتين: هو الخاطئ المحتاج إلى الرحمة، والله هو الرحوم الذي يغفر الخطايا. المؤمن لا يبرر نفسه بأخطاء الآخرين، بل يسعى لخلاص نفسه بمحبة الآخرين.
ما يجري اليوم على ساحتنا المسيحية فيه كثير من التّديّن والقليل من الإيمان. وكم من اسطفانوس يُرجم كل يوم من متديّنين رفضوا الإيمان، ورفضوا الله الحنون، الرحوم، المحب للبشر؟؟… وكم من باحث عن الإيمان يرفض الله ويكفر به بسبب دينونة المتديّن التي تمنع المؤمن من إعلان حب الله لذلك الباحث؟ حتى أنا لن أدخل في متاهة تسمية الأمور بأسمائها لأني سأُرجَم… فهل من لبيبٍ من إشارة يفهم؟
Share this Entry

الخوري يوحنا فؤاد فهد

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير