تحدّث البابا فرنسيس عن محور أساسي أمام أعضاء السلك الديبلوماسي ألا وهو التربية وقد أشار إليها في رسالته لمناسبة اليوم العالمي للسلام في الأوّل من كانون الثاني 2022 مسلّطًا الضوء على العناصر الأساسية للحوار والأخوّة.
وقال:”للتربية بين تلك العناصر مكانة خاصة، فهي التي تكوِّن الأجيال الجديدة، أمل ومستقبل العالم. إنّها الناقل الأساسي للتنمية البشرية المتكاملة، لأنّها تجعل الشخص حرًّا ومسؤولًا [10]. العملية التربوية بطيئة وشاقة، وفي بعض الأحيان يمكن أن تؤدي إلى الإحباط، لكن لا يمكن التخلي عنها أبدًا. إنّها تعبير مهم عن الحوار، لأنّه لا توجد تربية لا تنشئ على الحوار. والتربية تلِد الثقافة، وتبني جسور لقاء بين الشعوب. أراد الكرسي الرسولي التأكيد على قيمة العملية التربوية بالمشاركة في معرض دبي 2021، في دولة الإمارات العربية المتحدة، فأقام جناحًا خاصًّا مستوحى من موضوع المعرض: ”التواصل بين العقول وصنع المستقبل“.
اعترفت الكنيسة الكاثوليكية دائمًا بدور التربية، وأعلت من شأنها، في مجال التنمية الروحية والأخلاقية والاجتماعية للأجيال الجديدة. لذلك من المؤلم للغاية أن أرى كيف تم ارتكاب سوء معاملة أطفال في أماكن تعليمية مختلفة – في الرعايا والمدارس – مع ما تبعها من عواقب نفسية وروحية خطيرة للأشخاص الذين عانوا منها. هذه جرائم، ويجب أن تكون هناك إرادة قويّة لتوضيح الأمور، وتمييز كلّ حالة بمفردها، وتحديد المسؤوليات، وإنصاف الضحايا، ومنع وقوع فظائع مماثلة مرة أخرى في المستقبل.
على الرّغم من خطورة هذه الأعمال، لا يمكن لأي مجتمع أن يتنازل عن مسؤوليته في التربية. من المؤلم أن نلاحظ، مع ذلك، في ميزانيات الدولة، أنّه يتم غالبًا تخصيص موارد قليلة للتربية. فيُنظر إليها بشكل أساسي على أنّها تكلفة ونفقة، مع أنّها أفضل استثمار ممكن.
حرمت الجائحة العديد من الشباب من الوصول إلى المؤسسات التربوية، فأضر ذلك بعملية نموهم الشخصي والاجتماعي. وجد كثيرون، من خلال الأدوات التكنولوجية الحديثة، ملاذًا في الواقع الافتراضي، الذي يخلق روابط نفسية وعاطفية قوية جدًا، مما يؤدي إلى الابتعاد عن الآخرين وعن الواقع المحيط، وإلى تغييرالعلاقات الاجتماعية بشكل جذري. لا أقصد بهذا بالتأكيد إنكار فائدة التكنولوجيا ومنتجاتها، والتي تسمح لنا بالاتصال بشكل أسهل وأسرع، لكنّني أريد أن أنبّه على الحاجة الملحة للسهر حتى لا تحلّ هذه الأدوات محلّ العلاقات الإنسانية الحقيقية، على المستوى الشخصي والعائلي والاجتماعي والدولي. إذا تعلّم المرء أن يعزل نفسه في سن مبكر، سيكون من الصعب عليه في المستقبل أن يبني جسور الأخوّة والسّلام. في عالم حيث يوجد ”أنا“ فقط، بالكاد يوجد مكان لـ ”نحن“.