وفي هذه الأوقات الذي تُثقلها الأزمات، و تبدو همومنا أكبر من هِممنا على إيجاد الحلول و حياكة حبل النجاة، هل يمكننا أن نستخلص أمثولة من مثال القديس أنطونيوس الناسك كوكب الصحراء؟
في الحقيقة، لا تكمن القداسة بحالة فقر الحال؛ إنما بعدم التعلق المرضي بالمال. ذاك التعلق الذي أمامه تُباع الضمائر ويتم التلاعب بالمصائر على المستويات العالية و في ما يعتبره بعضنا من ” الصغائر”. من هنا تأتي الحكمة في زهد أنطونيوس <أب الرهبان> ، فليس الغنى ما هو مُدان بل إلإستغناء عن الله في الإنسان. روحانية أنطونيوس تدعونا ألا نذل كرامة الإنسان كي لا يصبح في يومياته مهان و كي لا نجرّح صورة الله التي طبعها فيه رب الأكوان. لكن كيف نتحصن من هذا الشكل المدان من التعلق بالمال الرنان؟ بالعودة الى جذور الآفة نسأل : ” لما لدينا هذه النزعة لجمع المال حتى بأشكال ملتوية”؟ على الأرجح يعود السبب الى ظننا أن به أمننا و آماننا و به ( أي المال) يكمن فرحنا.
الفرح.
يخبرنا الكتاب عن ملكوت الله الذي يشبه جوهرة ثمينة عندما إكتشفها التاجر باع كل شيء ليمتلكها. إن ما يُعطينا الفرح سيعطينا أيضًا القوة لتغيير أولوياتنا وحياتنا بطريقة جذرية. ومن ذاق فرح ذلك الملكوت يفهم ان الكنز الحقيقي هو فيه، ويلتزم به من كل قلبه. إن البحث عن الرب والالتقاء بمن هو الحب يبقى سر الفرح و الكنز الأعظم!
فلنفكر : قبل لعبة الدولار لم نكن سعداء و قبل اشتعال الأسعار لم نكن خالين من “الأعباء” …
فيما كان القديس أثناسيوس يخبر ان الغرباء كانوا يعرفون القديس انطونيوس من الفرح الذي يعلو وجهه.
إذاً من انطونيوس اليوم فلنسمع بشرى :
ان فرحنا لا يكمن في ظروفنا إنما في داخلنا حين نكتشف ان الله هو كنزنا و نجعل هيكله قلبنا. ففي الظلمة وحده الحب هو الضياء !!