“ليس علينا مُطلقاً أن نحصر الآخر بخطأه، لأنّ ارتكاب الخطأ جزء من الحياة وليس شرطاً فريداً ونهائيّاً. يجب مساعدة كلّ إنسان، بحبّ، لتخطّي خطأه”: هذا ما كتبه البابا فرنسيس في مقدّمة كتاب Passiamo all’altra riva “فلنعبر إلى الضفّة الأخرى”، وهو كناية عن كتاب/مقابلة للأب بينيتو جيورجيتا مع لويجي بونافنتورا رجل المافيا السابق الذي أصبح اليوم “متعاوناً مع العدالة” وتائباً.
في تفاصيل أخرى، إنّ الكتاب الذي نُشِر مباشرة من قبل الكاتب عبر منصّة Youcanprint، يضمّ 194 صفحة ويحمل كعنوان ثانويّ “تغيير الحياة؟ هناك ضفّة أخرى داخل كلّ واحد منّا ليصل إليها” وهو يرتكز على نشاط كاهن سان تيموتيو في تيرمولي، المتطوّع في سجن لارينو والمسؤول في دار “إكتوس” التي تستقبل أشخاصاً يعملون في الخدمات الاجتماعية.
الإصلاح الأخوي
من ناحيته، أشار أسقف روما، كما أورد الخبر القسم الفرنسي من موقع “فاتيكان نيوز” الإلكتروني، إلى أهمية “الإصلاح الأخوي كمبادرة محبّة حيال الإخوة. وهذا لا يعني الشعور بالفوقيّة، بل مساعدة الآخر على تخطّي صعوباته وإعانته وإلّا انهار… كما وأنّ التصحيح للآخر يعني مساندته: أي عدم تذكيره بخطاياه بل السَّير معه نحو الشفاء. علاوة على ذلك، إن تركنا الآخر في خطأه بدون أن نُصحّح له، نصبح شركاءه. إن لم نساعده، يُساوي الأمر نقصاً في المساعدة”.
رسالة رحمة
وتابع البابا فرنسيس كلامه في المقدّمة قائلاً: “أحياناً، يُخيّل إلينا أنّ الشرّير أصابنا بالعدوى. إلّا أنّه علينا أن نهتمّ لأمر الآخر وأن نأخذه على عاتقنا وأن نفعل أيّ شيء لإنقاذه. كيف؟ أوّلاً، عليّ أن أعطيه ما يحتاج إليه. عليّ أن أحبّه بصدق وأن أتألّم للخطايا التي ارتكبها. ثمّ عليّ أن أصلّي لأجله لأنّ الصلاة تجعل منّي يد الله عليه، وإشارة عنايته الأبويّة عبر وجودي. والروح القدس سيفعل الباقي”.
باختصار، نحن مدعوّون للقيام بالخطوة الأولى، لأنّه لا يجدر بأيّ شخص أن ينظر إلى الآخرين بفوقيّة.
حياة جديدة بعد الظلمات
أمّا عن أجوبة لويجي بونافنتورا، فقد قال البابا إنّها “معرض غنيّ من حياة إنسان معذّب طبعته المافيا فتصرّف بطريقة إجراميّة. إلّا أنّ للأجوبة نوراً وحياة جديدة، لأنّ لويجي الذي تخلّى عن منطق الاعتداءات، انفتح على رؤية جديدة”.
وختم أسقف روما قائلاً “إنّنا نستطيع أو علينا أن نتغيّر، بدون أن يلفّنا الشرّ. يمكننا دائماً أن نعبر إلى الضفّة الأخرى حتّى وإن كانت المِلاحة مُتعِبة ومليئة بالمخاطر. الأهمّ هو ألّا نشعر أنّنا لوحدنا بل أنّ هناك مَن يُرافقنا. وكما قال يسوع “أمام” البحر عندما دعا التلاميذ قائلاً “فلنذهب إلى الضفّة الأخرى”. لقد كان معهم، ولم يكن لوحده!”