CC0 creative commons pixabay

ما معنى “لتكن مشيئتك”؟

الفرق بين مشيئة الله ومشيئة الإنسان

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry
عبارة نرددها دائمًا عندما نصلّي الأبانا، أو أمام كل عمل أو حدث نصرخ قائلين ” كيف الله يريد، فلتكن إرادة الله”.
ويبقى الإنسان في بحث دائم عن ما هي مشيئة الله وعن تحقيقها في حياته اليومية.
وبين مشيئة الله من جهة ومشيئتنا الخاصة من جهة أخرى نعيش صراع دائم وقلق وحزن.
بداية، لا بد لك، أيها الإنسان أن تختار أي مشيئة تريد “مشيئة الله أو مشيئتك”؟.
أن تختار طريق واحد لحياتك، أن تختار خريطة واحدة للكنز، أن تكون ذو وجه واحد، وجه الله أو وجهك أنت كيفما تريد؟
لماذا يجب الإختيار؟ لأن الإختيار يعني الوصول.
لا نستطيع أن نسلك طريقين متعارضتين أو أن نبحث عن كنزين في مكانين مختلفين في الوقت عينه، لأن عندئذ سنراوح في مكاننا ولن نصل أبدًا.
تعالوا لنغوص معًا في الكتاب المقدس ولنكتشف ما هي مشيئة الله؟
– مشيئة الله: أن نكون أسياد هذا الكون، أن نحرس الأرض والخليقة وأن نستثمرها، أن نحترم حياة أمنا الأرض كيف هي، فنتأقلم معها فنعيش عندئذ بسلام. وبالمقابل هناك مشيئة الإنسان: أن يكون هو وحده سيّد الأرض، أن يستفيد هو وحده من الخيرات، فقتل أخيه الإنسان ليحصل على أرضه وبيته وكرمه فقطع الأشجار وأحرق الغابات وإلخ. ليحصل على ربح خسيس حتى لو كان ذلك على حساب حياة أمنا الأرض، قتل أمنا الأرض فكان الموت والدمار أي التلوث وغضب الطبيعة وغيرها من الأمور.
– مشيئة الله: أن نكون على صورته ومثاله فخلقنا كذلك. أي مشيئته أن نكون أحرار، نتمتع بالإرادة والعقل والذكاء والفكر والطموح والجهاد والصبر. هذه الصفات ليس من الضرورة البحث عنها لأنها فينا، المطلوب أن نحافظ عليها وأن ننميها. بالمقابل كان هناك مشيئة الإنسان: بأن يكون عبد لنزواته، لشهواته، لجسده، للمال، للسلطة، فشوّه صورة الله إلى درجة أصبح يشبه “كل شيء” ما عدا الله والإنسان.
– مشيئة الله: أن نحب بعضنا بعض، أن نعيش السلام فيما بيننا، أن نكون يد واحدة، أن نحافظ على حياة بعضنا البعض، أي أن نكون كلنا إخوة. بالمقابل كان هناك مشيئة الإنسان: أنا أو لا أحد، الآخر هو عدوي، الآخر هو لتحطيمي، الآخر يشكل خطر عليّ، الآخر حاجز لحريتي، فلا بد أن ينتهي هذا الحاجز فكانت النتيجة الحروب والقتل والمجاعات والمجازر وإلخ…
أخي الإنسان مشيئة الله هي أن تشبه الأرض السماء. في السماء هناك فرح دائم، سلام دائم، في السماء الكل على رأي واحد وهو تسبيح الله وتمجيده، في السماء الله هو المالك المحب الذي يسكن الناس في جميع منازله، الله هو الملك الكريم الذي يجلس الجميع على مائدته. فيا ليت الله يكون هو أيضًا المالك المحب والملك المحب على الأرض، لماذا لا نعلنه هو الملك؟
– فأيتها الأم، عندما تقولين كل يوم “لتكن مشيئتك يا رب” هذا يعني أن تكوني أم على مثاله، الله الأم، الّذي يسهر بفرح دائم على ولده المريض، هو الذي يعطي إبنه الطعام في حينه، هو الذي هدفه في الحياة أن ينمو ولده بالحكمة والنعمة والقامة…
– فأيها الأب، عندما تقول كل يوم ” لتكن مشيئتك يا رب” هذا يعني أن تكون أب على مثاله، الله الآب، الذي يسهر دائم لعودة إبنه الضال، هو الذي يبحث عن الخروف الضائع ليرده كل يوم إلى بيته، هو الذي يضحي بنفسه من أجل خرافه، هو الذي يكون لولده المثال في الحب فيربّي ويؤنب ويعظ إبنه دائمًا من خلال المحبة…
– فأيها الإبن، عندما تقول كل يوم ” لتكن مشيئتك يا ربّ” هذا يعني أن تكون الله الإبن، الذي يطيع دائمًا مشيئة أبيه، الذي يعمل دائمًا على تكريمه وتبجيله، هو الذي يعمل دائمًا على رفع إسم أبيه عاليًا، هو الذي يكرّم أمه التي قدمت له حياتها، إلخ…
– أيها الحاكم، عندما تقول كل يوم ” لتكن مشيئتك يا رب” هذا يعني أن تكون الله الحاكم، الذي يحكم دائمًا بالعدل، الذي لا يبغي الوجوه، الذي لا يبحث عن مصلحته الشخصية، الذي يعمل ما هو خير للآخر المظلوم، الّذي يضحي بنفسه من أجل أحبائه…
– أيها الأستاذ، أيها العامل، أيها التلميذ،… عندما تصرخون جميعكم كل يوم ” لتكن مشيئتك يا رب”، تذكروا دائماً مشيئة الرب “أن تكون لنا الحياة”، فاعملوا دائمًا على أن تكون “الحياة” هي الحاكمة وليس الموت، أي أن تنمو “صورة الله” في نفوسنا أولًا، وفي كل واحد نلتقيه على دروب الحياة، أن نعكس صورة الله أينما كنّا.
“مشيئة الرب” أن تصبح لغة الأرض الرسمية “لغة السماء” أي “المحبة” وما هي المحبة هي كل شيء، أن يحبّ الإنسان هذا الأمر يبدو تافهًا ولكنه أمر يغيّر كل شيء، إذًا أصلحوا ذواتكم، أصلحوا الآخر، أصلحوا العالم بالمحبة، أي بيسوع المسيح الذي هو مشيئة الله، الذي هو لغة السماء، الذي هو ملك المحبة، فلتكن “مشيئة الله” هي خياركم الدائم أي كونوا صورة عن يسوع المسيح في عالم شوّهته “مشيئة الإنسان”…
يا رب، علّمنا دائماً أن نصرخ أمام الموت لتكن مشيئتك، فتنبعث فينا روح الرجاء والقيامة، فندرك أن الموت ليس نهاية الطريق، بل بدايتها، بداية لقاء حب معك وجه لوجه.
يا رب، علمنا دائمًا أن نصرخ أمام المرض، لتكن مشيئتك، فتنبعث فينا القوة والتحدي، فيتحول المرض إلى وسيلة لتمجيدك وتقديسنا.
يا رب، علمنا أن نصرخ أمام الصليب والألم والصعوبات، لتكن مشيئتك، فتنبعث فينا روح الثبات والإيمان، فنصرخ قائلين: “إذا الله معنا فمن علينا”؟!
يا رب، علمنا أن نصرخ دائمًا “لتكن مشيتك” وأن نسير عليها حتى ولو لم نفهم عمقها وأهميتها، و”لكن لأجل كلمتك” نسير يا رب.
يا حبيبي، يا الله، لا أريد بحياتي إلا أمر واحد وكلمة واحدة وصوت واحد وطريق واحدة “مشيئتك”. آمين.
Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الخوري سامر الياس

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير