لك فضيلة إن كنت لا تؤذي من أساء إليك. فضيلتك أكبر إن غفرت له. فضيلتك أعظم إن فعلت مع عدوّك خيرًا.
بينما نرى ملوك الأرض يفتّشون عن الأثمة ليهلكوهم، نرى ملكنا السّماويّ يطلب الخاطئ ليخلّصه….
أبونا يعقوب الكبّوشيّ
حمل سبحته، وانطلق… حضنت أنامله الصّليب، والتمست منه، أسمى معاني الحبّ، والتّضحية…
سارالكبّوشيّ، رسول الرّحمة، وقلبه مطيّبٌ بحبّ المسيح، وفكره متّجهٌ، نحو من قذفت به الحياة على أرصفة الشّقاء، والبؤس…
على خطى معلّمه الأوّل سار… بين الازدحام … سار يبحث عن صرخة من يلوذ إلى الرّحمة… بكى قلبه أمام صراخ المتألّم … فحضنته يداه، ورفعتاه عن دونيّة الشّقاء، والبؤس…
ازداد إيمانه بالملك السّماويّ ، ذاك الملك الّذي يصغي إلى أهات أبناء رعيّته، ليحضنهم بحنانه…ليزوّدهم بالحبّ…. ليمدّهم بالقوّة… ليطهّرهم ، فيزيد أيّامهم فرحًا، ويقودهم إلى برّ الخلاص….
اعتبر أبونا يعقوب أنّه حيث كثرت الخطيئة، طفحت النّعمة….
رحمة الرّبّ لا تقاس، نراه يسرع، ويسعى وراءنا لإغاثتنا… نراه بين النّازفين، والبرص، والمرضى، والمنبوذين، والتّعساء، ليبلسم برحمته جروحهم، ويكفكف بيده الطّاهرة دموع آثامهم…
نعمة الرّبّ تغمرنا ، وتفيض علينا فرحًا لكنّ قلوبنا مقفلة … سوداء … مكفهرّة… قلوبنا ملأى خوفًا، وقلقًا .. سلامنا يشتاق يوميًّا إلى تلك القبلة المقدّسة….
يا أبانا السّماويّ … إنّنا نخطئ أمام السّماء، وأمامك…
“أقوم وأمضي إلى أبي، وأقول له: ” يا أبي ، خطئت إلى السّماء، وأمامك”(لو 15/18)
أعطنا يا ربّ، ذاك الاندفاع إلى النّهوض، والسّير نحوك أنت، زوّدنا بنار الإيمان، لنشتعل حبًّا بك، ونزحف نحوك طالبين رحمتك ، طالبين الارتماء بين حضنك الأبويّ… فميراثنا الوحيد حضن رحمتك يا ربّ.